بعد الصيام الطويل في رمضان أغلبية الناس يتناولون شراب السوس قبل الطعام بهدف إرواء العطش الشديد دون معرفة الفوائد الطبية المهمة لنبات عرق السوس أو ما يسمى باليوناني الجذر الحلو,و هو عبارة عن نبات شجري معمر يصل ارتفاعه إلى مترين,أوراقه داكنة و أزهاره صفراء فاتحة يعرف أيضا باسم السوس ألمخزني موطنه في المناطق الحارة تحت ارتفاع 1000 متر , ينبت في كثير من بقاع العالم مثل سوريا و مصر وآسيا الصغرى و أواسط آسيا و أوروبا و لكنه يزرع اليوم على نطاق واسع .
ينتمي إلى نفس العائلة النباتية التي ينتمي إليها الفول والفاصوليا والبازيلاء والحمص .
الاسم العلمي : Glycyrrhiza glabra , القبيلة : Galegeae , الجنس : Glycyrrhiza, النوع : glabra
الأجزاء المستعملة من النبات : الجذور و الجذمور .
عرق السوس في الطب القديم :
عرفت الحضارات القديمة هذا النبات وورد وصفه في كثير من المراجع حيث أن له قيمة علاجية عالية لدى المصريين منذ قديم الأزل لقد تم اكتشافه عام 1923م في قبر الملك توت عنخ أمون وأعدوا العصير من جذوره, فقد كان الأطباء المصريون القدماء يخلطونه بالأدوية المرة لإخفاء طعم مرارتها لأن السوس أحلى 50 مرة من السكر و كانوا يعالجون به أمراض الكبد و الأمعاء لذلك أطلق عليه « شفا و خمير يا عرق السوس « لما له من تأثير شافي للعديد من أمراض الجهاز الهضمي فهو فعال جدا في علاج حالات قرحة المعدة .
عرفت جذور هذه النبتة منذ أكثر من أربعة ألاف سنة عند البابليين كعنصر مقوي للجسم ومناعته , والطبيب اليوناني ثيوكريتوس عالج به السعال الجاف و الربو و العطش الشديد , حتى إن منقوعه المخمر يفيد في حالات القيء و التهيج المعدي .
وقد عرفه الأطباء العرب حيث كان يستخدم كطعام و دواء و يقول عنه ابن سينا في القانون : «إن عصارته تنفع في الجروح وهو يلين قصبة الرئة و ينقيها و ينفع الرئة و الحلق و ينقي الصوت و يسكن العطش و ينفع في التهاب المعدة والأمعاء و حرقة البول « , وقال عنه ابن البيطار « أنفع ما في نبات عرق سوس عصارته أصله و طعم هذه العصارة حلو كحلاوة الأصل مع قبض فيها يسير و لذلك صارت تنفع في الخشونة الحادثة في المريء و المثانة و هي تصلح لخشونة قصبة الرئة إذا و ضعت تحت اللسان و امتص ماؤها و إذا شربت أوقفت التهاب المعدة و الأمعاء و أوجاع الصدر وما فيه و الكبد و المثانة ووجع الكلى و إذا امتصت قطعت العطش و إذا مضغت و ابتلع ماؤها تنفع المعدة و الأمعاء كما ينفع كل أمراض الصدر و السعال و يطري و يخرج البلغم و يحل الربو و أوجاع الكبد و الطحال و حرقة البول و يدر الطمث و يعالج البواسير و يصلح الفضلات كلها» .
المواد الفعالة في عرق السوس واستعمالاتها الطبية :
في عام ( 1955م – 1960م ) تم فصل مركب سيترويدي أطلق عليه اسم حمض الغليسريزيك من جذور نبات عرق سوس و قد تبين أن هذا الحمض يشبه في بنيته الكيميائية مركب الكورتيزون المعروف إلا أنه يتميز عنه بخلوه تماما من الآثار الجانبية المعروفة عند التداوي بالكورتيزون خصوصا لمدة طويلة .
و ثبت أن عرق السوس يحتوي على مواد سكرية و أملاح معدنية من أهمها : ( البوتاسيوم , الكالسيوم , المغنزيوم , الفوسفور) و مواد صابونية تسبب الرغوة عند صب عصيره .
في السبعينات ظهر العقار المسمى Tagamet الذي يحتوي على مادة السيميتدين وجرت عدة دراسات مقارنة بين خلاصة السوس والسيمتيدين وكانت النتائج أن السيمتيدين أفضل من خلاصة السوس في علاج قرحت المعدة أما في قرحت ألاثني عشر (الأمعاء) فإن خلاصة السوس أعطت وقاية أفضل ضد عودة القرح المعوية و لقد اكتشف لعلماء عن طريق إزالة %97 من أسيد الغليسيرتنيك و سمي الناتج ديغليسير زينيد ليكوريس و تبين أن هذا الدواء شفى القرح أسرع من السيميتدين , وبقي تراكم الماء بالجسم مشكلة العلاج بخلاصة السوس و يعود سبب تراكم الماء بالجسم إلى أن السوس يلعب دوراً هرمونياً مثل الهرمون Aldosterone الذي تفرزه (غدة الكظر ) وهو يمنع خروج الماء والملح من الجسم .
تحتوي الجذور تسعة مركبات لها تأثير مقشع للبلغم بالإضافة إلى مركب عاشر له تأثير مضاد لسموم الجسم و يؤخذ من مسحوق عرق سوس ملعقة صغيرة وتوضع في ملء كوب ماء مغلي و تترك لمدة خمس دقائق ثم يصفى و يشرب و تكرر العملية ثلاث مرات في اليوم , مع ملاحظة أن الاستمرار في استعماله لمدة طويلة أو زيادة الجرعة له تأثيرات سلبية مثل الصداع , ارتفاع ضغط الدم , احتباس السوائل , نقص في البوتاسيوم . بالإضافة إلى أن له خواص مضادة لأمراض التهابات المفاصل وذلك بفضل احتواءه على حمض الغليسريزيك , كما أن السوس يحتوي على هرمون أنثوي طبيعي نباتي (فايتواستروجين) وهي المسئولة عن تخفيف عوارض سن اليأس وهي تطيل الشباب و إحاضة المرأة كبديل للهرمون الأنثوي الذي تفرزه مبايض المرأة .
و لقد أثبتت دراسات في اليابان عام 1985م على أن الغليسريزين وهو أحد مكونات خلاصة عرق سوس فعال في علاج مرضى تشمع الكبد و مرضى الالتهاب الكبدي عامة و خصوصاً التهاب الكبد الوبائي C .
و قاموا أيضا بنشر أبحاث توضح فاعلية هذه المادة في وقف نمو السرطان الذي يصيب الكبد , ووصل اقتناع الهيئات الصحية باليابان بهذا الأمر إلى تسجيل مستحضر طبي تحت اسم « نيو مينو فاجن سي القوي « بوزارة الصحة اليابانية.
ووجد أيضا أن عرق السوس يحتوي على الكومارينات و التيتربينويدات و الفينولات حيث أن :
الكومارينات : توجد أيضا في بعض النباتات مثل البقدونس – الحمضيات ، تعتبر هذه المواد مرققة للدم طبيعية ، وهي تميع الدم وتمنع تجلطه وبذلك تمنع أمراض جلطات الدم التي تصيب القلب (الذبحة ) وجلطات الدماغ التي تسبب (الفالج) .
و التيتربينويدات : توجد أيضا في الحمضيات , وهي مواد نباتية تفكك الهرمونات الستيرويدية التي تساعد على نمو السرطانات وتخفف من سرعة انقسام الخلايا وتكاثرها كما يحصل في الأورام السرطانية .
و الفينولات : توجد أيضا في الخضار و الفاكهة وهي مواد نباتية مسماة (فايتوكمكلس ) ذات مفعول يكافح و يمنع نجاح الأورام ونموها .
وكما تظهر الدراسات الحديثة بأن النبتة لها بعض المفعول على فيروس الأنفلونزا وفيروس (HIV) الذي يسبب الايدز و الأبحاث و الدراسات مازالت مستمرة لإيجاد فوائد طبية جديدة ومهمة لنبات عرق السوس .
يجب الحذر عند استخدام نبات عرق السوس من قبل الأشخاص الذين يعانون من ضغط الدم المرتفع لأن خلاصته تؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم وفي ذلك خطورة أيضا على الحوامل والمرضعات والأشخاص المصابين بمرض السكري
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها