في سبتمبر 2014م سقطت صنعاء، وتهاوت المحافظات توالياً بأيدي المليشيا الحوثية، لم يعد من شيء يقف أمام تمدد العناصر الحوثية، كيف وقد اسقطت العاصمة، وتسلمت سلاح الدولة وسيطرت على مواردها ومؤسساتها، أصبح الوقوف في وجهها يبدو مقامرة فاشلة وانتحاراً مؤكد، في هذه اللحظة الحالكة السواد، اليأس يأخذ مداه والاستسلام للواقع المشوه يفرض نفسه، برزت مارب ترفض الانقلاب وتحمل راية استعادة الدولة، تعلن موقفاً واضحاً، وتحشد قبائلها للمطارح، وتستعد للحرب، تستقبل الاحرار من كل المحافظات، وتدق ناقوس الخطر لمواجهة البغي الحوثي، وتعد لمعركة فاصلة بإمكانات بسيطة، وعزيمة قوية، شعارهم" دون مارب صناديد اليمن والمكارب..كل غاصب غزاها مات أو عاد خايب".
استنفرت المليشيا الحوثية لإخضاع الجغرافيا التي وقفت عكس التيار، جمع الحوثي حشوده مدججين بالعتاد والعدة، لغزو مارب، ارسل الخلايا لزرع العبوات وتنفيذ الاغتيالات، حرك الموالين في الداخل لإرباك المشهد، واذكاء الصراع الداخلي بالتزامن مع ذلك اشعل المعركة من كل اتجاه، في المقابل كان صناديد مارب من قبائلها واحرار اليمن وشرفاء الجيش يخوضون معركة غير متكافئة لا من حيث الجموع ولا في العتاد الإ ان العزيمة والاستبسال والتضحية والصمود كانت أقوى.
عشر سنوات شكلت مارب رأس حربة في المعركة الوطنية، اليها تشد رحال اليمنيين، ونحوها تهفوا الافئدة، فأُعيد بناء وحدات الجيش وتنامت مؤسسات الدولة، احتضنت 3 مليون من المهجرين من مختلف مناطق اليمن، اتسعت المدينة ودارت عجلة مشاريع البنية التحتية، كبرت المسؤولية، وازاد معها الحاجة الى الخدمات، فخاضت مارب معركة البندقية في الجبهات، وافشلت مخطط الفوضى وزعزعة الأمن، وبُنيت أجهزة أمنية قوية ومنضبطة لحماية الجبهة الداخلية، واشتعلت المدينة تنمية ومشاريع فأصبحت النموذج المشرق، حازت المجد وأوجدت نموذج للدولة المنشودة.
مارب ..حاملة راية المعركة الوطنية
جبهات القتال في مارب الممتدة، اسماء المعارك التي تخوضها منذ ٢٠١٥م لم تتوقف، كل شبر شاهد على البطولات والتضحيات، وفي كل جبهة حكاية صمود واستبسال، مارب خلال عشر سنوات من المعركة الوطنية المقدسة ظلت في جاهزية قتالية عالية، لم تهدأ الجبهات، بين رمال الصحاري وعلى سفوح الجبال وفي بطون الأودية يقف الجيش والمقاومة في مواجهة المليشيا الحوثية، معارك لم تهدأ، بندقية لم تتوقف، ابطال متيقظون، كل يوم تضحيات، وكل ساعة جريح أو شهيد، يلتحق ركب من سبقوه في معركة مقدسة وطريق خطه السابقون ومضى على دربه اللاحقون.
بهذه التضحيات والصمود الأسطوري صارت مارب كابوس للحوثي؛ طوال السنوات الماضية استعصت عليه وكسرته بكل جحافله افقدته صوابه، بددت اوهامه، مارب التي كانت محرقة حشود العصابة، وبؤرة استنزفت قواته، خسر فيها أبرز قادته ونخبة مقاتليه، هكذا ظلت مارب قلب الجمهورية، ورأس حربة في معركة استعادة الدولة ومنها ينطلق التحرير.
في 18 نوفمبر اعترف قائد عسكري حوثي لوكالة فرانس برس بمقتل( 14700) اربعة عشر الف وسبعمائة مقاتل من عناصرهم خلال الفترة يونيو 2020م حتى نوفمبر 2021م هذه الفترة شهدت اعنف المعارك المتواصلة وبمختلف الجبهات المحيطة بمارب، ولأول مرة ظهر الاعتراف ليكشف حجم الخسائر وعلى غير عادتهم في كتمان قتلاهم اخرجتهم مارب علناً للنواح يبكون قتلى سنة من عشرة سنوات.
خلال عام خسرت هذا العدد الهائل في جبهات مارب وعليها يمكن حساب حجم التحشيد والزج بالعناصر الحوثية، واستعار المعارك في جبهات مارب طيلة عشر سنوات، وكيف حصد حشودهم، وماذا تعني لهم من شوكة في حلق مشروعهم الامامي.
أمن مارب.. يقظة وحزم
خاضت الأجهزة الأمنية في مارب معركة خطيرة وحساسة في مواجهة خلايا الحوثي التي لم تتوقف للحظة، وما ادخرت طريقة الا واستخدمتها تجنيد الخلايا وارسالها إلى محافظة مارب، وتنفيذ العمليات الارهابية، استخدمت اساليب شتى بينها تجنيد النساء والأطفال وجندتهم لاستهداف القيادات البارزة في الجيش والمقاومة والسلطة المحلية، عشرات الخلايا، بل المئات التي ضبطتها الأجهزة الأمنية في مارب خلال العشر سنوات، في يونيو 2018م ضبط أمن مارب على خلية نسائية وبحوزتها متفجرات تقوم بنقلها من صنعاء إلى مأرب لتنكشف شبكة من الخلايا التي لكل منها دور معين من رصد تحركات الأهداف من ثم نقل المتفجرات وزراعتها وتنفيذ الاغتيالات، حينها صرح القائد الشهيد العميد عبدالغني شعلان آنذلك من موقعه قائد الأمن الخاص ومؤسس الأجهزة الأمنية "إن قوات الأمن ضبطت مجموعة من الخلایا والعصابات التي كانت تسعى لخلخلة الأمن والسكينة العامة في المحافظة بعد رصد العصابة التي كانت متخصصة في زراعة العبوات الناسفة".
في ذات الفترة ألقت الأجهزة الأمنية القبض على خليتين أحدهما نسائية والأخرى رجالية مرتبطة بمليشيا الحوثي، إلى يونيو ٢٠٢٥م كانت الخلايا الحوثية تتساقط في أيدي الأجهزة الأمنية فأعلنت قبل شهرين ضبط خلية حوثية كانت تعد لاستهداف مارب وزعزعة الامن.
هذه اليقظة الأمنية في مارب شكلت تأمين للجبهة الداخلية، وافشلت مخطط الاستهداف من الداخل الذي سعت له العصابة الحوثية، وأظهر المواطنين وعي وحس أمني منقطع النظير ساهم في اسناد الأجهزة الأمنية في افشال مخططات حوثية في اسقاط مارب من الداخل.
حملات الاستهداف البائسة
ظلت مأرب بمثابة المدينة اليمنية الأبرز التي تحضر فيها سلطة الدولة اليمنية ومؤسساتها، فضلا عما شكلته من ملاذ آمن لكل اليمنيين من مختلف محافظات الجمهورية الذين رأوا في مأرب متراسهم الأخير لاستعادة وطنهم ودولتهم. وقد ساهم مثل هذا التوجه، بشكل كبير، في حدوث تحوّلات سياسية واجتماعية كبرى لمأرب على مدى السنوات العشر الماضية من الحرب التي فرضتها مليشيا الحوثي.
في الآونة الاخيرة تستهدف الأجهزة الأمنية من حين لآخر بحملات التشوية بغرض زعزعة الثقة والتعاون بين الامن والمواطنين وضرب سمعت الأمن ناحية اخرى، وتستخدم لذلك التحريض ونسج الافتراءات، بحيث تشكل حملات التشوية حاجز يحد من ممارسة الأمن لدوره في تعقب المتورطين مع الحوثي أو الجهات الأخرى التي تتربص بمارب ويغيظها ما شهدته من أمن واستقرار وتنمية وصمود في الجبهات، ما يستدعي وعي ومساندة للأمن وتعزيز دوره والتعاون لتنفيذ مهامه، متجاوزة الحوادث العرضية التي أثبت الأمن قدره على التعامل والشفافية في كل حادثة يتم من خلالها تشوية الأمن وفي كل مرة تثبت الأجهزة الامنية ومن خلال اللجان المعنية والمختصة يتم كشف حقائق وتبرأة الاجهزة من الافتراءات وتظهر الحقائق بصورة واضحة، لكن تكرار الحملات مخطط خبيث يستهدف على المدى البعيد سمعت الأجهزة الامنية ويوجد شرخ بينها والمواطنين ما يفرض تنبه ووعي كبير وتفويت الفرصة وكشف الاساليب الخبيثة في ذلك.
مارب نموذج مشرق
في مارب لم تكن الجبهات وحدها تشهد المعركة الوطنية في مواجهة الامامة، بل شكلت التنمية والمشاريع التي واكبت التسارع الكبير في البناء بالمدينة الذي فرضه حجم التوافد الهائل من مختلف المحافظات الى مارب، فراراً من بطش المليشيا والتحاقاً بشرف المشاركة في المعركة الوطنية، شكلت المشاريع التنموية وجه مشرق ونموذج مشرف فاقت المناطق المحررة، وفضحت الانقلاب الحوثي الذي امتص الثروات وضاعف الجبايات دون أن يصرف راتب معلم أو يمول مشروعا، هذه المعركة التنموية لاتزال تتباهي بها مارب وكل الأبطال فيها، في الوقت الذي تواجه تآمر كبير، ومحاولات لزعزعة الاستقرار ولم تهدأ المخططات التخريبية لاستهداف مارب الوجهة المشرق والنموذج المشرف للدولة المنشودة، لايزال الطموح كبير بإيجاد نموذج يكون الوفاء للتضحيات والترجمة الحقيقية لمشروع استعادة الدولة ودحر الانقلاب الارهابي الحوثي.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها