أعلنت سنغافورة الاستقلال عن بريطانيا من طرف واحد في أغسطس 1963، قبل الانضمام إلى الاتحاد الفيدرالي الماليزي، وفي سبتمبر 1963م لتلحق بالملايا وصباح (بورنيو الشمالية) وسراوق، في اتحاد الاندماجي، بعد استفتاء عام لشعب سنغافورة. ثم تم طرد سنغافورة من الاتحاد الفيدرالي بعد عامين، بعد صراعات فكرية وايديولوجية ساخنة بين زعماء حزب العمل الشعبي السنغافوري والحكومة الفيدرالية في كوالالمبور، وتدخل إندونيسيا التي دخلت في مواجهة اقتصادية مع الاتحاد الجديد من جهة أخرى، وصار يوسف بن اسحاق، في وقت لاحق أول رئيس لسنغافورة. والتي استقلت في 9 اغسطس1965م عن الاتحاد الماليزي، وتم الاعتراف بها 21سبتمبر 1965م.
مسيرة حضرموت تشبه لحد كبير مسيرة سنقفوراة ، لكن هناك اختلاف بين الحالتين، حضرموت لم تستقل في الحقيقة من الاستعمار البريطاني، لان حضرموت كانت دولة مستقلة تحت الوصايا البريطانية وفقا لاتفاقية، ولما قام الثوار بطرد السلطان واسقطوا الدولة في المكلا وسيئون، لم يطردوا الاستعمار في الحقيقة، انما تم ذلك باتفاق استلام وتسليم، بعد طرد السلطان وتخلي الجيشان (النظام والبادية) عن السلطان، وعدم الدفاع عنه، صارت حضرموت ـ في ليلة وضحاهاـ بيد ثوار الجبهة القومية، الذين كان لهم ارتباط بعدن، ثم تم الذهاب الى عدن في اتحاد اندماجي، ورفضوا الثوار الآراء المطروحة من قبل العقلاء في التريث، لان الخطة كانت مرسومة من قبل بريطانيا كما يقال الان " هكذا يريد المخرج". لاسباب معروفة تحدثنا عنها سابقا.
سنغافورا ذهبت إلى اتحاد مالايا بعد استفتاء قام به حزب العمل الشعبي السنغافوري للانضمام إلى المستعمرات الملاوية المستقلة من بريطانيا 1963م، عكس ما حصل مع حضرموت، اندماج قسري مع المستعمرات البريطانية المستقلة في الجنوب دون رؤية ولا حتى اتفاق، وحيث ان الاتحاد الماليزي لم يكن مستقرا مثلما الاتحاد، المسمى جمهورية اليمن الديمقراطية، لم تكن هذه الدولة ايضا مستقرة، بل سادتها الصراعات التصفيات الدموية والانقلابات، وجنحت الدولة في وقت مبكر الى الشيوعية الماركسية الدموية، وتأسست دولة بوليسية قمعية تخالف التوجه الإقليمي السائد، بعكس الاتحاد الماليزي، مما تعقد وضع حضرموت والتي ساد ساحتها تصفيات ونزاعات ايدلوجية، بينما استمرت الاختلافات والصرعات الايدلوجية في الاتحاد الماليزي إلى 1965 عندها تم طرد سنغافورة من الاتحاد واستقلت سنغافورا عن الاتحاد الماليزي.
واستمرت حضرموت ضمن دولة قمعية بوليسية ولم يستطع الثوار الحضارم إلا الخضوع والاستسلام لسطوة المسيطر بعد ان سلموا دولة بمقدراتها مجانا، واجبروا على السير ضمن الموكب النكد، وإلا سيتم تصفيتهم.
لذلك نقول:
أولا: الفارق بين حضرموت وسنغافورا طبعا فوارق كثيرة في الوضع الجيوسياسي، اذ موقع اليمن ليس مثل موقع ماليزيا وموقع حضرموت وخياراتها ليس مثل سنغافورة الموقع الحساس لحضرموت واليمن عامة وما تحمله اليمن من موروث تاريخية يجعل التآمر عليها اكبر بكثير مما سيسمح به في مكان آخر من العالم.
ثانيا: كان لا يوجد في حضرموت حامل سياسي مستقل، رغم وجود دولة تم اجهاضها، بعكس سنغافورا كان حزب العمل الشعبي له دور كبير في الأحداث.
ثالثا: النتيجة التي نخلص إليها في ضوء تعقد الوضع السياسي في اليمن بشكل عام هي؛ ضرورة وجود حامل ساسي حقيقي حضرمي خالص يحمل القضية الحضرمية يرتبط بالأرض والانسان الحضرمي بعيدا عن الاستقطاب والتمويل والارتباط الخارجي. يتم الاستفتاء على أي خيار يقدم عليه.
فات حضرموت الشيء الكثير مقارنة بسنقفوارة ولا مجال للمقارنة، لذلك يجب التعلّم من أخطاءنا بدراسة الخيارات جيدا بعيدا عن التعصب والتخوين إلا سنُكرر -لا محالة- نفس الخطأ.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها