بدأت في العاصمة المؤقتة عدن، جنوبي اليمن، إجراءات محاكمة شاب بتهمة "قتل قط"، مثيرة جدلاً واسعاً حول أولويات الجهات الأمنية في المدينة التي ما تزال عشرات الملفات لضحايا الاغتيال في السنوات الماضية، تقبع في أدراج الإهمال.
وفي واقعة مثيرة شهدتها مديرية المعلا، تعرض الشاب أكرم منجي، العامل في مركز الحيوانات الأليفة، للاعتقال بعد سلسلة من الأحداث التي بدأت بعلاج "قط"، وتحولت الى قضية تعرض أمام النيابة والقضاء.
وبعد ثلاثة أيام قضاها الشاب أكرم منجي خلف القضبان، نتيجة شكوى تقدم بها مالك القط المواطن "محفوظ"، خرج بضمانة حضورية، إلا أن ملف قضيته لا يزال قيد الإعداد لاستكماله ورفعه إلى القضاء، حيث يُواجه تهمتين: قتل "قط شيرازي" ومزاولة مهنة الطب دون ترخيص.
تفاصيل القصة
يقول الشاب أكرم منجي، وهو أحد العاملين في مجال رعاية الحيوانات بمركز الحيوانات الأليفة في مديرية المعلا، في تصريحات لـ"المصدر أونلاين"، إن القصة بدأت عندما تواصل معه مالك القط، ويدعى محفوظ، لطلب إجراء عملية "تعقيم" لقطه الذي أنقذه من الشارع ورباه لفترة طويلة.
وأكد أكرم أن مالك القط، محفوظ، أوضح أن القط يعاني من التهاب في الأذن ونزول إفرازات من العين، وأن البعض أبلغه بأن الحالة قد تكون ناتجة عن فيروس "كاليسي"، وهو فيروس خطير.
وأشار أكرم إلى أنه رفض إجراء العملية وأصر على إجراء فحص دم مسبق قبل أي تدخل جراحي، حيث تبين بعد الفحص أن القط يعاني من التهاب فيروسي وصديد، وهو ما دفعه إلى تأجيل العملية وبدء خطة علاجية لتحسين حالته الصحية، وذلك بموافقة مالك القط.
وفي سياق تصريحاته لـ"المصدر أونلاين"، قال أكرم إن القط خضع للعملية الجراحية بنجاح بعد أربعة أيام من العلاج وتحسنت حالته الصحية.
وأضاف: "إن القط استفاق بعد العملية الجراحية من التخدير بحالة جيدة، حيث كان يأكل ويتصرف بشكل طبيعي. وفي اليوم التالي، قمت بتوثيق حالته وإرسال مقطع فيديو لمالك القط يوضح أن القط بصحة جيدة، لكن بسبب هروبه المؤقت إلى المخزن، ظهرت عليه بعض الأوساخ".
وأكد أكرم أن محفوظ تسلم القط لاحقًا عن طريق شخص آخر، إلا أنه، بعد يومين، بدأ في نشر منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي يشكو فيها من حالة القط، مدعيًا وجود جرح في ظهره وتدهور حالته الصحية، مشيرا إلى أنه حاول مرارًا وتكرارًا إقناعه بإحضار القط مجددًا إلى المركز لمتابعة حالته، لكنه رفض.
وأوضح أن مالك القط، محفوظ، أخذ القط في اليوم الرابع إلى طبيب بيطري في منطقة إنماء، حيث تلقى علاجات جديدة، لكن بدأت أعراض التسمم الدوائي تظهر على القط، ما أدى إلى تدهور حالته بشكل سريع، وتوفي القط بعد مغادرته العيادة بساعات.
وقال أكرم إنه بعد قرابة ستة أيام من إجراء العملية الجراحية، التي تمت في السابع من يناير الجاري، حضر خمسة من أفراد الشرطة إلى مركز الحيوانات الأليفة ومعهم استدعاء رسمي، وقاموا باعتقاله.
وأضاف: تم اقتيادي للتحقيق، حيث بقيت في الزنزانة يومًا كاملاً قبل أن يتم أخذ إفادتي، وفي اليوم التالي، حضر أحد وكلاء النيابة لأخذ أقوالي مرة أخرى، وسألني عما إذا كنت بحاجة إلى محامٍ، لكنني رفضت.
الجدير بالذكر أن توجهات السلطات الأمنية في هذه القضية كانت غير متوقعة، حيث أظهرت اهتمامًا بالغًا بمحاكمة الشاب "أكرم"، في وقت كانت فيه القضايا الكبرى والجرائم التي تمس المجتمع تُترك دون متابعة جادة.
فمن بين القضايا الأكثر خطورة وآخرها، والتي تم تجاهلها في عدن، جريمة قتل المعلمة نسرين، التي لا يزال قاتلها طليقًا حتى اليوم، في حين يتم متابعة قضايا مثل قضية القط بشكل جاد وعاجل، مما يثير تساؤلات حول أولويات السلطات الأمنية في المدينة.