سلط الكاتب السياسي، الدكتور محمد جميح، الضوء على التناقض الصارخ بين ما تدعيه مليشيات الحوثي، من حرص على «عفة المرأة وطهارة المجتمع» من جهة، وممارساتها المشينة ضد المرأة وتوظيفها بشكل لا أخلاقي من جهة أخرى.
وأشار جميح في مقال له إلى اعتقال مليشيات الحوي في شباط/ فبراير من عام 2021، وفي العاصمة اليمنية صنعاء الفنانة اليمنية انتصار الحمادي، بتهمة «الإخلال بالآداب العامة ومخالفة أحكام الشريعة الإسلامية» ولا تزال الفنانة البالغة من العمر 22 عاماً رهن الاعتقال.
وتطرق الكاتب، إلى تعليق عناصر الميليشيا لافتات كبيرة في الشوارع الرئيسية للعاصمة صنعاء، قبل أيام، تدعو العائلات إلى عدم التنزه والجلوس على جانبي «السايلة» وهي مجرى مرصوف لتصريف مياه الأمطار في صنعاء، ويستعمل كطريق سيارات كذلك، وهو في الأصل ليس مكاناً للفرجة، لكن ندرة المتنزهات جعل بعض العائلات يتخذون منه مكاناً للنزهة.
وعلق سلطة الميليشيا تلك اللافتات لتحذير خروج العائلات إلى مثل هذا المكان، حفاظاً على ما تسميه الميليشيا «الهوية الإيمانية» وكي لا «نتشبه بالغرب واليهود والنصارى».
وقال الأكاديمي اليمني، محمد جميح، أن اليمنيين منذ عشرات السنين يمارسون حياتهم بشكل طبيعي، دون أن يطرح أحد قبل مجيء الحوثيين أن ذلك «تشبه باليهود والنصارى» أو مخالف لـ«الهوية الإيمانية».
وأشار إلى أن هذا المصطلح الذي تتحدث عنه وسائل إعلام ووعاظ الحوثيين صباح مساء، يدور حول جملة من المعتقدات والسلوكيات التي تعكس في مجملها محاولة تكريس أفكار طائفية، بشكل يصدق معه إطلاق تسمية «الهوية الطائفية» لا الإيمانية عليها، لأن تلك الأفكار قائمة أصلاً على ما يسميه الحوثي «الولاء لأهل البيت» حسب مفهومه لـ«أهل البيت» الذي يعني في تصوره الولاء له، على اعتبار أنه «عَلَم الهدى» الذي تنطبق عليه شروط قيادة الأمة، حسب التصور الحوثي لهذه القيادة.
وأورد الكاتب بعض الممارسات الحوثية التي لا تنم عن حرص على عفة المرأة وصيانة المجتمع، قدر ما تنم عن توظيف لا أخلاقي مشين للمرأة، بما يخدم توجه تلك المليشيات.
ومنها ما أشارت إليه تقارير حقوقية يمنية ودولية بشأن «انتهاكات جنسية» تمارسها قيادات أمنية تابعة للميليشيات ضد معتقلات سياسيات في سجون هذه الميليشيات، بعد أن تم تلفيق تهم «مخلة بالآداب» لهن، كما تم تصويرهن في السجن، وهن في أوضاع خاصة، لغرض ابتزازهن وابتزاز أسرهن، لضمان عدم عودتهن إلى ممارسة أية أنشطة تراها جماعة الحوثي معارضة لنهجها.
ونظراً لحساسية مثل تلك المواضيع فقد آثر الكثير من السجينات والعائلات الصمت على تلك الممارسات، خوفاً من «العار» في مجتمع محافظ، الأمر الذي شجع الحوثيين على الاستمرار في هذا النهج، كما يقول الكاتب.
وقال جميح إن المليشيات تلعب دور الحريص على عفة اليمنيات في مجتمع محافظ، الأمر الذي يكسبها شيئاً من المشروعية الشعبوية، كسلطة حريصة على «الالتزام بتقاليد المجتمع ودينه» ومن ناحية أخرى فإن الميليشيات لا تتورع عن القيام بممارسات لا أخلاقية في حق السجينات السياسيات من أجل الضغط والنيل منهن لأسباب سياسية، لا علاقة لها بالتهم الملفقة الموجهة لهن، حسب التقارير الأممية الموثقة.
وذكر الكاتب أن مفاهيم الميليشيا حول: «العفة والهوية الإيمانية وعدم التشبه بالغرب والثورة الثقافية والغزو الثقافي الناعم»، قد نسخت تلك المصطلحات بشكل حرفي من السياق الثقافي والسياسي الإيراني، وذلك لاستغلالها وظيفياً في الدعاية السياسية وقمع المعارضين.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها