تسوّق الإدارة الأميركية والأمم المتحدة لإنجاز جديد تحقق في اليمن بتمديد الهدنة لشهرين إضافيين وفق الشروط السابقة، لكن مراقبين يرون أن هذا الإنجاز منقوص ويعكس في الواقع فشلا أمميا – أميركيا في البناء على الهدنة وتوسيعها تمهيدا للتوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار يهيئ الأجواء لتسوية سياسية في هذا البلد.
وسعت الولايات المتحدة والمبعوث الأممي الخاص إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال الأسابيع الماضية إلى إقناع الفرقاء اليمنيين بأهمية توسيع الهدنة لفترة ستة أشهر بدلا من شهرين، لكن هذه الجهود اصطدمت بشروط جديدة من قبل الحوثيين، في مقدمتها تولي السلطة اليمنية المعترف بها دوليا دفع رواتب الموظفين في مناطق سيطرتهم، ورفع كامل للقيود المفروضة من التحالف العربي الذي تقوده السعودية على ميناء الحديدة ومطار صنعاء الدولي.
وقوبلت مطالب الحوثيين بممانعة شديدة من مجلس القيادة الرئاسي الذي يمثل جسد الشرعية في اليمن، من منطلق أن الموافقة على مثل هذه التنازلات من شأنه أن يعطي انطباعا سلبيا للداخل اليمني، وخاصة للحوثيين الذين عمدوا إلى استغلال الليونة التي أبداها المجلس منذ تطبيق الهدنة في أبريل الماضي، لتحقيق مكاسب كانوا قد عجزوا عن تحقيقها بالسلاح، دون أن يقدموا في المقابل أي تنازلات من قبلهم.
واضطر المبعوث الأممي في اليومين اللذين سبقا إعلان التمديد، إلى خفض سقف الطموحات العالية، حيث أن الهدنة ذاتها باتت مهددة، ولجأ كل من غروندبرغ والإدارة الأميركية إلى سلطنة عمان، التي أرسلت وفدا لها إلى صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون لإقناعهم بأهمية الحفاظ على الهدنة، فكان أن تم تمديدها لشهرين فقط.
وتسعى إدارة بايدن إلى تحقيق اختراق في الأزمة اليمنية، في محاولة لتجاوز عقم دبلوماسي رافقها منذ وصولها إلى البيت الأبيض في العام 2021.
الجهود الأميركية اصطدمت بشروط جديدة من قبل الحوثيين في مقدمتها تولي السلطة اليمنية دفع رواتب الموظفين في مناطق سيطرتهم
وتسعى الرياض إلى الخروج من هذه الحرب باهظة التكلفة والتي شكلت نقطة توتر مع إدارة بايدن التي أوقفت دعمها لعمليات التحالف الهجومية. ويُنظر إلى الصراع على نطاق واسع على أنه حرب بالوكالة بين السعودية وإيران.
وعلى مدار الأشهر الأربعة الماضية واجه الطرفان إحباطات فيما يتعلق بتنفيذ بنود الهدنة. وألقت الحكومة المدعومة من السعودية باللوم على الحوثيين في عدم إعادة فتح الطرق الرئيسية في تعز المتنازع عليها، بينما اتهم الحوثيون التحالف بعدم تسليم العدد المتفق عليه من شحنات الوقود إلى الحديدة وعدم تسيير بعض الرحلات الجوية التجارية من العاصمة صنعاء، وهما منطقتان تخضعان لسيطرة الحوثيين.
ويرى مراقبون أن التمديد الجديد لا يعدو كونه حفظا لماء الوجه، وأنه على المبعوث الأممي ولاسيما الإدارة الأميركية إعادة النظر في نهجيهما في حال أرادا فعلا البناء على الهدنة، ومن ذلك رفع سلاح العقوبات في وجه المعرقلين.
وقال غروندبرغ “في الأسابيع المقبلة سأكثف اتصالاتي مع الأطراف لضمان التنفيذ الكامل لالتزامات جميع الأطراف في الهدنة”. وأضاف أن تمديد الهدنة سيوفر آلية لدفع رواتب موظفي القطاع العام وفتح طرق وزيادة عدد الرحلات الجوية من صنعاء وتدفق الوقود بانتظام إلى الحديدة.