نظم الفريق الاستشاري الدستوري للدعم في اليمن ندوة علمية متخصصة حول تقييم المسار الدستوري في اليمن. تم فيها استضافة أستاذ القانون الدستوري الدكتور باسل باوزير الذي قدم ورقة بحثية بعنوان إعادة الاعتبار للدستور كمقدمة للسلام في اليمن.
وقد تمثل الهدف من الندوة في تشجيع مزيد من الحوار حول عملية صياغة دستور جديد لليمن في ظل التطورات الأخيرة التي أظهرت رغبة الأطراف المعلنة في تحقيق السلام واستئناف العملية السياسية وضمنها المسار الدستوري.
استعرض الدكتور باوزير في مقدمة ورقته التطور الدستوري في اليمن، ووفقاً لباوزير، فإن التاريخ الدستوري اليمني يُظهر كيف يسير التطور والمتغيرات السياسية جنبًا إلى جنب عندما يتعلق الأمر بالتطور الدستوري.ففي بعض الأحيان تم تطوير الإطار الدستوري والقانوني من خلال الأنظمة السياسية في اليمن شمالاً وجنوباً،وفي نقاط أخرى من التاريخ اليمني، تسببت الحرب والاضطرابات من داخل وخارج البلاد في إحداث تعديلات وتغييرات دستورية، شكلت في مجموعها تاريخ وخصائص النظام القانوني والإطار الدستوري اليمني في شكله الحالي وعند النظر في التجارب الدستورية لمعظم البلدان يُلاحظ بأن الدساتير تأتي وتذهب أكثر مما قد يتصوره المرء، وأصبح هناك توجهاً متزايداً لفهم متوسط العمر المتوقع للدساتير.
يُلخص الدكتور باوزير مقدمته في مجموعة من الرؤى النظرية والتجريبية المستمدة من تحقيق تاريخي للتحولات الدستورية ويقدم ملخصات عنها، ويتناول الأسئلة المتعلقة بهذه التحولات: الأسئلةالمفاهيمية، الأسئلةالوصفية، الأسئلة التفسيرية، الأسئلة المعيارية.
كما ناقش الدكتور باوزير في ورقته التحديات التي أعاقت اعتماد دستور متوافق عليه في اليمن حتى الآن، وقدم بعض التفسيرات العلمية وتقييماً عن عملية صياغة الدستور الذي تبناها مؤتمر الحوار الوطني في ٢٠١٤، والتي فشلت في الوصول إلى اكتمالها عبر مراحلها وصولاً إلى الموافقة على المسودة النهائية باستفتاء شعبي. أسباب هذا الفشل متعددة، بما في ذلك التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه عملية صياغة الدستور، ولكن
أيضا الخلاف المستمر من قبل مختلف أصحاب المصلحة على العديد من الأحكام النهائية في مسودة الدستور، خاصة مسألة تقسيم الأقاليم وتوزيع الثروة.
ويعزو باوزير سبب ذلك، إلى أن عملية وضع الدستور اليمني الجديد لم تتم في ظروف طبيعية أو سلمية، بل بالأحرى وسط تصاعد التوترات السياسية والصراع العسكري في أعقاب أحداث ٢٠١١ وما تلاها من التشرذم وعدم الاستقرار السياسي في المرحلة الانتقالية. في كل هذا السياق، تم تشكيل لجنة صياغة الدستور التي واجهت بيئة سياسية مستقطبة ووضع قانوني غير مؤكد.
علاوة على ذلك تم تعيين أعضاء اللجنة بدون خبرة دستورية قوية،
وعدم مقدرتهم على معالجة المسائل الفنية و تصوراتهم المتباينة. وكان الاهتمام الشعبي المحدود بعمل اللجنة قوض منذ البداية من شرعيتها وشرعية ما نتج عنها.
كما أن سياق الانقسام السياسي الشديد والصراع الذي كان على لجنة صياغة الدستور أن تعمل فيه كان له أهمية كبيرة في الضغط على واضعي الصياغة، على الرغم من محاولاتهم لعزل التوترات الخارجية و الحفاظ على استقلالهم عن مختلف الفصائل السياسية.
لكن عزلة واضعي الصياغة كانت تعني أيضًا بقاء مناقشاتهم منفصلة عن القوى السياسية الرئيسية، في حين أن القضايا التي تمت مناقشتها من قبل اللجنة كانت مهمة سياسياً، بما في ذلك المناقشات حول الوحدة الوطنية للبلاد، وشكل النظام السياسي، والتوزيع العادل للثروات الطبيعية.
ومع ذلك، يرى الدكتور باوزير أنه في ظل الظروف المعقدة وغير المستقرة التي تمت فيها صياغة مسودة الدستور، فإن قدرة واضعي الصياغة على التغلب على انقساماتهم وإكمال مهمتهم وإعداد مسودة نالت إجماعًا نسبيًا بينهم، يشكل إنجازًا لا يمكن إنكاره ولا يمكن التغاضي عنه. وأن ما يبدو على أنه نقاط ضعف وعيوب في مسودة الدستور هو أيضًا انعكاس لجهود واضعي الصياغة للوصول إلى توافق وتقديم تنازلات حول عدد من النقاط المتضاربة.
وفي نهاية الندوة أوجز الدكتور باسل باوزير النقاش واستعرض سُبل المضي قدماً بما في ذلك البدائل الدستورية المختلفة التي تم تصورها، كطرق ممكنة للخروج من حالة الجمود التي يعاني منها المسار الدستوري في اليمن.وفي محاولته لتحقيق ذلك، يفحص باوزير التحولات الدستورية من منظور مفهوم الدستور الاجتماعي والتاريخي،ويستنتج أنه عند تحليل ظاهرة التحولات الدستورية، فمن الضروري النظر إلى ما وراء الشرعية الظاهرة أو الحقيقية للعملية المستخدمة لإحداث تغييرات معينة في عملية صياغة دستور جديد لليمن.
شارك في الندوة أعضاء الفريق الاستشاري الدستوري للدعم في اليمن من السادة القضاة والاكاديميين والمحامين.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها