كانت الساعة تشير إلى منتصف الليل، حين اتصل مسؤول الحي بعلي اليريمي ليبلغه أن عليه الحضور فوراً إلى جوار منزله، للحصول على حصته الشهرية من غاز الطبخ؛ لكنه ظل في طابور طويل حتى الرابعة فجراً، واضطر إلى تجاهل اتصال آخر من زوجته تبلغه أن المياه قد نفدت من الخزان، وأنهم بحاجة لجلب صهريج مياه حتى تتمكن من تحضير وجبة السحور؛ لأن بإمكانه شراء مياه للمنزل في وقت آخر، ولكنه لن يتمكن من الحصول على أسطوانة غاز إذا غادر الطابور.
يقول علي، إن «المسألة لم تعد تقتصر على الانتظار في الطابور لأربع ساعات، ولكنها تمتد إلى عدم القدرة على دفع تكاليف شراء أسطوانة غاز وصهريج مياه لأن الأسعار زادت الضعف، فأنت محاصر بالاحتياجات الأساسية للحياة، ومعني بتوفيرها لأسرتك، فأنا لدي 3 أطفال وزوجة، وأعيش في منزل متواضع بالإيجار، وحالياً أدفع ضعف مبلغ الإيجار الذي كنت أدفعه في العام الماضي، وكل أسعار السلع تضاعفت، ودخلي من العمل في القطاع الخاص ما زال كما هو».
ويضيف: «أسطوانة الغاز ارتفع سعرها لدى المشرفين الحوثيين إلى ما يعادل أكثر من 12 دولاراً أميركياً بدلاً عن 6 دولارات، كما ارتفع سعر صهريج المياه من 6 آلاف ريال يمني إلى 12 ألفاً؛ لأن المياه التي تضخ عبر مشروع مؤسسة المياه لا تأتي إلا مرتين في الأسبوع، ونتيجة الاحتياج الكبير فإنك بحاجة إلى مضخة كي تتمكن من تعبئة الخزان في سطح المنزل، ولأنه لا توجد كهرباء فليس أمامك إلا شراء الماء».
في السياق نفسه، تقول أمل عبد الله -وهي ربة بيت ودخل زوجها متواضع؛ حيث تسكن في أطراف المدينة لأن إيجارات المنازل أقل منها في الأحياء الكبيرة- إنها تنهض منذ الصباح الباكر وتذهب إلى خزان ماء خيري تبرع به أحد الأشخاص؛ حيث يقدم المياه مجاناً للسكان، حتى تتمكن من تعبئة عبوتَي ماء قبل أن يراها أحد وقبل أن يزدحم المكان، ومع ذلك فإنها تواجه بطابور طويل؛ حيث تنتظر دورها لعدة ساعات.
وتؤكد أمل أنه بسبب ارتفاع أسعار الوقود إلى الضعف، ارتفع كل شيء، وصار شراء صهريج مياه للمنزل من المستحيلات؛ حيث تضاعفت الأزمة مع حلول شهر رمضان، واضطر كثير من الأسر إلى اللجوء للحطب في الطبخ، لعدم قدرتهم على شراء الغاز من السوق السوداء؛ حيث يحتكر المشرفون الحوثيون في الأحياء بيع هذه المادة. أما نجاة فتقول إنها تعاني من أمراض في الجهاز التنفسي، ولكنها مضطرة للطهي بالحطب والكراتين لتجهيز الإفطار لعائلتها، نظراً لأن زوجها يعمل باليومية، وغير قادر على شراء أسطوانة غاز بعد ارتفاع سعرها، بخلاف أن أسعار الدقيق والأرز وزيت الطبخ ارتفعت، ولهذا فإن ما تحصل عليه الأسرة يوجه لشراء المواد الغذائية الأساسية، بدلاً عن شراء المياه والغاز المنزلي، لوجود بدائل.
ومع استمرار الميليشيات الحوثية في قطع رواتب مئات الآلاف من الموظفين، فإن أسعار السلع الغذائية الأساسية في مناطق سيطرتها ارتفعت بشكل كبير، ومعها ارتفعت أسعار الكهرباء، من 12 ريالاً للكيلوواط الواحد قبل الانقلاب على الشرعية، إلى أكثر من 500 ريال حالياً، إلى جانب الزيادات الكبيرة التي فرضتها الميليشيات على أسعار وقود السيارات وغاز الطبخ، وإيقاف خدمة المياه، فضلاً عن أسعار إيجارات المنازل التي زادت بنسبة تجاوزت المائة في المائة (الدولار حوالي 600 ريال في مناطق سيطرة الميليشيات).
(الشرق الأوسط)