بالضربة القاصمة تم اخراج محافظة ابين من المشهد السياسي برمته، هذه المحافظة التي ظلت حاضرة بقوة طيلة العقود الماضية تؤثر في المشهد اليمني بكل تفصيلاته وتعقيداته وتقول كلمة الفصل في أوقات كثيرة أضحت بقدرة قادر مقصية ومستهدفة.
ما الذي جنته هذه المحافظة ليتم معاقبتها بهذه الصورة القاسية؟، ولماذا يتم استهداف ابنائها واقصائهم من المشهد السياسي! ما هو مؤكد أن هذا الامر لم يتم مصادفة فعملية الاستهداف ممنهجة ومستمرة منذ وقت طويل وهي محاولة لضرب الصف الوطني كون ابناء محافظة ابين يشكلون عجينة وطنية عدلت المزاج الشعبي في الجنوب خلال السنوات الماضية وكانت المحافظة التي شكلت شعرة الميزان، وخففت من حدة الاستقطاب الحاد الذي ذهب بالجنوب والشمال الى مآلات غير وطنية لخدمة أجندات خارجية استحواذية.
ويمكن القول ان ما حدث تجاه ابين في مجمله شكل صدمة لكل الشرفاء والمخلصين من ابناء المحافظة إذ لا زال الجميع في حالة ذهول، فالمحافظة التي تشكل رقما صعبا في المعادلة الوطنية والتي ظلت عصية على الإلغاء والإقصاء أو التجاوز، تجد نفسها فجأة خارج المشهد في عملية التفاف واضحة ومقصودة ومرتبة سلفا.
ولمن يجهل الادوار التي لعبتها المحافظة منذ بواكير العمل النضالي الوطني نذكره أن أبين قدمت 70 في المئة من الشهداء في معركة تحرير عدن، ولعبت دورا محوريا في صناعة التحولات، وساهم ابناؤها الأبطال بفاعلية في حراسة المشروع الوطني منذ انطلاق مشوار الكفاح وانحازوا لفكرة الدولة كخيار أوحد لا مساومة عليه ولا تفريط فيه.
ودافعت هذه المحافظة عن مكتسبات النضال، وقدمت قوافلا من الشهداء وأنهارا من الدماء الزكية وكانت ركيزة أساسية لاسناد المواقف الثابتة من كل القضايا الأساسية والمطالب الرئيسية المتعلقة بالمصير الوطني، ومارست دورا حيويا في الذود عن حياض الوطن، وحماية مكتسباته، والإسهام البارز في حسم قضاياه في مختلف المحطات التي مر بها عبر مسافة زمنية متطابقة تماما مع الموقع المكاني لهذه المحافظة ليشكلا أصالة الموقف، وثبات المبدأ من أول طلقة بندقية للتحرير والاستقلال مروراً بإنتاج وتصدير النخبة القيادية والأفواج البشرية الفاعلة والمنتجة وفاتحة الانتصارات الوطنية.
لقد افتدت أبين الوطن، يوم أن بادرت في التصدي للإرهاب وواجهت مليشيا الإمامة الحوثية المرتهنة لإيران، ولا أحد ينسى صور البطولة النادرة وملاحم الفداء الكبير الذي قدمته هذه المحافظة على امتداد مراحل النضال والرقعة الوطنية الواسعة على تعدد ميادينها.
ويمكن القول ان الطريقة التي جرى بها ازاحة المحافظة من المشهد تجاوزت كل الاعراف والتقاليد ولم تراعي الادب واللياقة ولذا فإن أبناء المحافظة اليوم معنيون بالتداعي والوقوف صفا واحدا ازاء هذا التهميش ورفضه بكل قوة والاجتماع وترتيب الصفوف لاتخاذ موقف موحد يعيد الاعتبار للمحافظة.
وبحسب المعلومات الواردة من الميدان فهناك لقاءات مكثفة بين القيادات الفاعلة والمؤثرة في المحافظة لقول كلمة الفصل والخروج برؤية موحدة، فالصمت اصبح خيانة، وحينما تم السكوت على ازاحة القيادات واحدا تلو الاخر وصلنا الى هذه النتيجة التي لا تسر الجميع، ولذا علينا اليوم تناسي خلافاتنا وتجاوز الماضي واعلاء مصلحة المحافظة فوق كل اعتبار، ويجب ان نسمع صوتنا لكل العالم، على المكونات الاجتماعية والسياسية القيام بواجبها ازاء المحافظة ومصالح ابنائها وما لم نرفع اصواتنا اليوم فسنصمت دهرا.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها