يتعرّض مئات اليمنيات يومياً لحوادث الابتزاز الإلكتروني التي باتت شائعة إلى حد كبير خلال الفترة الماضية.
فقد روت م.ع، الفتاة اليمنية ذات الـ22 عاماً، أن حياتها أصبحت جحيماً وفكرت كثيرا بالانتحار بعد تعرضها للابتزاز والتهديد بنشر صورها عقب تهكير حسابها على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، لتكون واحدة من مئات اليمنيات اللواتي يتعرضن للابتزاز من قبل أشخاص وشبكات احترفت العمل في اصطياد الفتيات واستغلال خوفهن من نشر صورهن في مجتمع لا يتقبل مثل هذه الأمور أبداً.
صديق تدخّل وأنقذ الموقف
وبقيت"م. ع" تعاني لأشهر من ابتزاز الجاني بنشر صورها وخصوصياتها، واستجابت له بدفع مبالغ مالية متتالية قبل أن يحاول مقايضتها بالقيام بأفعال غير أخلاقية، مؤكدة أنها لم تقوَ على إخبار أسرتها بالأمر خوفاً من القتل.
كما أضافت لـ"العربية.نت"، أنها دخلت في نوبة اكتئاب وعجزت عن تقديم مزيد من المال للمبتز، ما دفعها لإخبار صديق لها بالأمر، وهو خبير تقني، لذلك تشجعت وواجهت المبتز الذي قام فعلاً بتدشين عدد من الحسابات المزيفة باسمها ونشر صورها، إلا أن الصديق تدخّل وكشف مصدر الصفحات وقام بإغلاقها، ثمّ هدد الجاني الذي انصرف عني نهائيا.
وبحسب المصادر، فإن هذه الفتاة كانت أكثر حظاً من غيرها، إذا استطاعت حل الموضوع، فيما لم تفلح أخريات بهذا.
جرائم قتل
فقد انتشرت أخبار أفادت بمقتل فتاتين العام الماضي، من قبل ذويهن بعد انتشار فيديو وصور لهما على الإنترنت، رغم أن إحداهن تعرضت للخطف والاغتصاب، إلا أن أسرتها لم تتحمل ذلك وقتلتها.
وفي حالات أخرى، تقع الفتاة في غرام أحد المبتزين، وبعد أن يتمكن منها ويعطيها الثقة وترسل له صورها، يحولها لأداة يبتزّها بها، وتهديدها بنشرها إذا لم ترضخ لرغباته بدفع مبالغ مالية مقابل شراء صمته، أو سرقة وفقدان جوالات الفتيات والقرصنة وغيرها من الوسائل للحصول على صور وفيديوهات خاصة وممارسة الابتزاز على الضحايا.
ورغم اختلاف الطرق التي يحصل بها ممارسو الابتزاز على صور وبيانات ومقاطع فيديو ومحادثات الضحايا، تتعدد دوافع الابتزاز أيضا من الحصول على مبالغ مالية أو ابتزاز جنسي أو انتقام.
وأمام تنامي ظاهرة ابتزاز النساء بشكل ملحوظ في اليمن وخاصة للفتيات المراهقات، وبجانب الخوف من الإبلاغ خوفا من النظرة المجتمعية وتشويه السمعة وإمكانية تعرض الضحية للقتل من أسرتها، يضاعف غياب سلطات الدولة الأمر خصوصا مع عدم وجود قوانين لمكافحة هذه الظاهرة.
بدورها، أقرت المحامية إشراق المقطري، بزيادة انتشار هذه الظاهرة في الأوساط اليمنية، مشيرة إلى وجود فجوة أو نقص في الإشارة والتطرق الواضح والقطعي في القوانين اليمنية للجرائم الإلكترونية، وتعلل ذلك في أن أغلب التشريعات صيغت في التسعينيات ولم يحدث تطوير عليها.
كما ترفض معظم الفتيات عادة الإبلاغ عن تعرضهن للابتزاز، خوفا من الفضيحة ونظرة المجتمع السلبية وأسباب أخرى.
آثار لا تصدق.. ودعوات لتوعية المجتمع
في حين يترتب على جريمة الابتزاز آثار نفسية وصحية كثيرة على الضحية وأسرتها وعلى المجتمع.
وأوضحت الدكتورة أنجيلا المعمري أستاذ مساعد الصحة النفسية بجامعة تعز، أن الضحية تتعرض بسبب الخوف والتفكير المستمر لضغط نفسي كبير، والأخطر تفكيرها بالانتحار أو الاستجابة والإذعان لطلبات المبتز بتوفير المال بأي طريقة كانت، كما يمكن تجنيدها للتجسس وتوفير المعلومات عن ضحايا أخريات أو عن أشخاص مستهدفين من طرف المبتز، وفق قولها.
ودعت المعمري إلى توعية المجتمع والأسر من أجل احتواء الفتيات وتقديم الدعم والمساندة لهن، واللجوء إلى الجهات الأمنية للإبلاغ عن حالات الابتزاز ، وعدم الخوف من وصمة العار المجتمعية لأنها تؤدي إلى ارتفاع نسبة الضحايا.
حاميها حراميها.. رجال أمن متورطون
يشار إلى أن الناشط مختار عبدالمعز وهو متخصص في أمن المعلومات ومكافحة الجريمة السيبرانية، كان أطلق مبادرة لحماية الضحايا وتقديم المساعدة لهن، غالباً تكون دون علم ذويهن حتى لا يتعرضن للأذى.
وبحسب عبدالمعز، فإن القضايا التي وصلت إليه تتجاوز 5 آلاف حالة منذ 2020 وحتى الآن، حيث تصل قضايا يوميا بشكل غير طبيعي بسبب عدم استقرار الوضع الأمني في اليمن.
وأكد في حديث لـ "العربية.نت"، أن الفتيات اللواتي يذهبن إلى أقسام الشرطة للشكوى يتعرض بعضهن للتحرش والمضايقات من رجال الأمن أنفسهم، منتقداً استغلال بعض أصحاب الفوذ لمثل هذه الحالات.
إلى ذلك، طالب بتأهيل الجهات الأمنية أو استحداث قسم متخصص لهذا النوع من الشكاوى، معتبراً أن ذلك أهم بكثير من سن قوانين مكافحة الجرائم.