طرأت متغيرات لافتة علی امتداد مناطق الحزام الأمني للعاصمة اليمنية صنعاء، عمرها لا يتجاوز العامين، لكنها تكشف أبعاداً جديدة لمخطط دشنته جماعة الحوثي في 21 سبتمبر/أيلول 2014 باجتياحها المشؤوم لصنعاء، تتجاوز في أهدافه مجرد السيطرة المؤقتة على مؤسسات الدولة والصعود الشيطاني لهرم السلطة الى التغول في التركيبة الديموغرافية للعاصمة، ومحيطها القبلي وفرض متغيرات قسرية على مقوماتها التقليدية.
المتغيرات القسرية التي فرضتها جماعة الحوثي تبرز في هيئة أحياء سكنية ناشئة تبدو أشبه بمجمعات سكنية مغلقة على الأنصار والموالين للجماعة، التي استحدثت هذه الأحياء في إطار تنفيذ مخطط، أُحيط من قيادة الجماعة بالكثير من التكتم، لكونه يهدف الى فرض تغييرات قسرية في التركيبة الديموغرافية للعاصمة صنعاء، وضواحيها ومحيطها القبلي.
ويعتبر الناشط الاجتماعي بمحافظة صنعاء معين عبد الرحمن الجرباني في تصريح ل«الخليج»، أن الحوثيين لم يعودوا تلك الجماعة القادمة من شمالي البلاد، بل هم الان قوة تتجذر كل يوم بتكتيكات سياسية واقتصادية عميقة، مشيرا إلى أن الجماعة لن تستسلم طالما هناك الكثير من المال وبصيص أمل بوقف الحرب.
ومثل التوسع الديموغرافي خارج حدود صعدة أحد أبرز أولويات جماعة الحوثي، التي استخدمت أدواتها التقليدية المتمثلة في إنشاء مراكز دينية أحيطت بحماية حلفاء للجماعة من مراكز القوى القبلية في أكثر المجتمعات القبلية اليمنية مناهضة لفكر الحوثيين وتوجهاتهم العقائدية المنحرفة، مثل الجوف ومأرب وبعض مديريات محافظة صنعاء التي تمثل مناطق نفوذ مغلقة للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح.
ويؤكد الشيخ صالح عبد الكريم دبيب، أحد الوجاهات القبلية المناهضة للحوثيين بمحافظة صنعاء، أن جماعة الحوثي استحدثت مجمعات سكنية بعضها لا يزال في طور التشييد في مناطق الحزام الأمني للعاصمة. ولفت الى أن الحوثيين نقلوا عائلات عدة موالية لهم من صعدة إلى المجمعات السكنية الجاهزة، وأن الهدف من إنشاء هذه المجمعات فرض الحضور القسري وخلق حاضنات قبلية جديدة ومناطق نفوذ مغلقة.
وشهدت الأشهر الاولى من العام المنصرم بداية ظهور لافت لمراكز قوى مالية واقتصادية موالية لجماعة الحوثي مستغلة سيطرتها على مؤسسات الدولة بالعاصمة والموارد المالية، لتدشن تنفيذ مخطط مواز يتسق مع أهدافها التوسعية بشراء الكثير من العقارات والمنشآت التجارية، والدفع ببعض قياداتها المقربة من زعيم الجماعة، كالناطق الرسمي للجماعة محمد عبد السلام والقياديين بالجماعة، علي قرشة وعلي دغيس للاستثمار بأموال عامة منهوبة في قطاعات اقتصادية مدرة للدخل، كتصدير، وتسويق النفط، والاتصالات عبر إنشاء شركة اتصالات جديدة أحيطت إجراءات تأسيسها بالتكتم. ويشير الخبير الاقتصادي عبد الناصر أحمد دغيش، في تصريح ل «الخليج»، إلى أن الحوثيين يستهدفون من وراء شراء الكثير من المنشآت التجارية والاستثمار في قطاعات اقتصادية كالنفط والاتصالات، إلى خلق مراكز تأثير مالية واقتصادية فاعلة ومؤثرة تحسباً لمرحلة ما بعد الحرب.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها