مع استمرار الحرب في اليمن، بات المجتمع محاصراً بالبؤس والهلاك من كل جانب، فمن لم تقتله نيران القذائف، بقي عليه النجاة من الجوع، والسلامة من الأمراض المميتة، التي تصاحب النزاعات المسلحة.
ومن أبرز الأمراض التي رافقت الحرب: حمى الضنك، والملاريا، والكوليرا، وداء “الليشمانيا”، المعروف محلياً بـ “الآكلة”، الذي بدأ في اجتياح البلاد خلال السنوات الأخيرة، ليأكل أجساد اليمنيين المسحوقة بالفقر، وينتشر بشكل مخيف، منتهزاً سوء الأوضاع الصحية وانهيارها.
وكشف المركز الإقليمي لمكافحة الليشمانيا، في اليمن، أن عدد المصابين بهذا المرض، يقارب 180 ألف يمني مصاب، أكثرهم من النساء والأطفال بنسبة بالغة 90%، بمعدل إصابة سنوية بمقدار 20 ألف مصاب، في محافظات البيضاء، ذمار، حجة، الضالع، إب، صنعاء، ريمة، عمران والمحويت.
انتشار واسع
ويتسبب الداء الأكثر فتكاً بالإنسان، بعد مرض الملاريا، لليمنيين، بالوفاة في بعض الحالات، بعد أن تأكل الطفيليات الأعضاء الداخلية للجسم، أو تؤدي إلى فقدان أحد أعضاء الجسد المخاطية، وتعطل وظائفهما، وأقل إصابته ضرراً هي التقرحات التي تترك خلفها ندبات وتشوهات تكون دائمة في كثير من الأحيان.
ووفقاً لتقديرات منظمة الصحة العالمية، فإن عدد المصابين سنوياً بالليشمانيا حول العالم يقدر بقرابة 1.3 مليون شخص، بمعدل وفيات ما بين 20 ألفاً – 30 ألفاً من المصابين.
ويقول رئيس المركز الإقليمي لمكافحة داء الليشمانيا في اليمن، واستشاري الأمراض الجلدية، الدكتور، محمد الكامل، إن الحرب، ساهمت إلى حد كبير جداً، في انتشار هذا الوباء في اليمن، من خلال الهجرة العكسية للمواطنين، إلى القرى، وتراكم القمامة، وسوء الصرف الصحي، الذي أدى إلى تكاثر الكلاب والفئران الحاضنة للمرض، وتهدم المنازل، ما وفر بيئة حاضنة للفئران، إلى جانب تردي الخدمات الصحية.
وأشار في حديثه لـ”إرم نيوز”، إلى أن المرض الذي ينتشر في المناطق الوسطى والجبلية، يستوطن الأرياف، بشكل رئيس، ويصيب النساء والأطفال خاصة، وذلك يعود إلى جملة من الأسباب، أهمها، انشغال هاتين الفئتين بالزراعة، حيث تكثر ذبابة الرمل، وملازمتهما للقرى، وضعف مناعتهما، في حين يفضل الرجال المدن.
مسبباته وأنواعه
وحول مسببات مرض الليشمانيا للإنسان، قال الكامل: “هناك أكثر من 30 نوعا من الطفيليات الأولية، وهي سوطيات أحادية الخلية من جنس “ليشمانيا”، وينقل الطفيليات من إنسان إلى آخر أو من حيوان إلى انسان، أكثر من 60 نوعًا من إناث “ذبابة الرمل” المنتسبة إلى عائلة “الفواصد”، وصغيرة الحجم، يصل طولها إلى 3 ملم، وتستوطن المناطق الحارة وتقطن الأماكن الرطبة والظليلة، حيث تغرس الذبابة خرطومها الحاد في الجزء المكشوف من جسم الإنسان، لتنقل منه أو إليه الطفيليات المسببة للمرض، قبل أن تظهر أعراض الإصابة بعد فترة حضانة تمتد من أسبوع إلى عدة أشهر.
وأضاف أن الداء ينقسم إلى ثلاثة أقسام، أولها يصيب الجلد، وهو الأكثر انتشاراً، بنسبة 48% من المصابين في اليمن، من خلال تشكل بثور حمراء، أو قرحات بركانية، قد تدوم عدة سنوات وقد تشفى عفوياً في بعض الحالات، وتكون هذه الإصابات أحادية أو متعددة أو منتشرة في أكثر من موضع، فيما الشكل الثاني يصيب الجلد والأغشية المخاطية كالفم أو الأنف أو العين، وبلغ نسبة المصابين به 49% من إجمالي الحالات، وهذا النوع مزمن وأشد خبثًا، حيث يتطور إلى تقرحات كبيرة قد تأكل العضو المصاب وتشوهه وقد تتلفه أو تعوق وظيفته، وربما تؤدي إلى الوفاة في الحالات الشديدة، أما الشكل الأخطر بين أشكال الداء، هو ما يصيب الأحشاء، وهو النوع القاتل، حيث تنتشر طفيليات الليشمانيا إلى الأحشاء الداخلية للإنسان، كالكبد والطحال والغدد الليمفاوية ونخاع العظام، مسببة تلفها، ما لم يتم تدارك المصاب، وتصل نسبة المصابين بهذا النوع إلى 3% في اليمن.
وبحسب رئيس المركز الإقليمي لمكافحة الليشمانيا، فإن اليمن من بين تسع دول هي الأكثر وبائية بالمرض في العالم، حيث يصل عدد المصابين إلى 180 ألف مريض، بمعدل إصابة سنوية تتراوح بين 10 آلاف مصاب، إلى 20 ألف مصاب، بنسبة وفيات غير معروفة حتى الآن.
وتطرق الكامل، إلى عدة خيارات علاجية يوفرها المركز، من خلال الحقن والمستحضرات الموضعية والحبوب، والطرق الفيزيائية؛ لكنه حذر من طرق العلاج الشعبية كالكي والأعشاب والأحماض، التي يحاول القرويون في اليمن من خلالها علاج هذه البثور، ما يتسبب في خلق مضاعفات، ويؤدي إلى إصابات مركبة وتوسع حجم الآفة.
جهود المكافحة
وفيما يخص الدور الحكومي، ممثلاً بوزارة الصحة، في مكافحة المرض، رفض الدكتور محمد الكامل التعليق على ذلك، مكتفياً بالقول إن “جميع المستشفيات الحكومية، تحيل إلينا عشرات الحالات أسبوعياً، للعلاج وتلقيه مجاناً، في 4 مراكز افتتحناها في محافظات،هي: صنعاء، البيضاء، حجة، ومحافظة إب”.
من جهتها، تؤكد وزارة الصحة اليمنية، أن الحالات المصابة بداء الليشمانيا في المحافظات اليمنية بلغت 2701 مصاب، في عموم المحافظات، باستثناء جزيرة سقطرى، التي لم يُسجل فيها أي من الحالات المصابة بالداء، في إحصائية ينفرد بنشرها “إرم نيوز”.
وقال وكيل وزارة الصحة، علي الوليدي، إن وزارة الصحة بعثت خبراء لتقصي هذا الوباء، وتجري لقاءات مع الشركاء الدوليين، كمنظمة الصحة العالمية، حول الأمراض المعدية، منها الليشمانيا، كما تستعد لإجراء لقاءات مع ممثلي بعض المنظمات الدولية، القادمين إلى العاصمة المؤقتة عدن، في الأيام القريبة المقبلة، تتركز محور النقاشات حول الأمراض المعدية وسبل مكافحتها وزيادة الأنشطة المكافحة.
كما لفت في حديث خاص لـ”إرم نيوز”، إلى إن الوزارة مسؤولة عن 22 محافظة، بغض النظر عن المحافظات التي لا تزال في قبضة الحوثيين، مشيراً إلى أن الوضع الاستثنائي الذي تعيشه البلاد تسبب في عراقيل وصعوبات بالغة أثرت على الوضع الصحي والأوضاع العامة برمّتها.
يمنيون يموتون بسهولة
وقالت منظمة الصحة العالمية، أمس الخميس، إن “معظم اليمنيين، يموتون من سوء التغذية والأمراض التي يمكن الوقاية منها وعلاجها بسهولة، بسبب أنهم لا يحصلون على الدواء، حيث يلقى عدد كبير منهم حتفه في صمت، بعيداً عن الإصابات المباشرة في النزاع المسلح، ولا يتم تسجيل الوفاة”.
وأفاد التقرير بأن “أقل من 45% من المرافق الصحية هي التي تعمل، في حين تضرر أو دمر أكثر من 274 على الأقل من هذه تلك المرافق، بسبب الصراع الجاري، في حين لا يستطيع أكثر من 14.8 مليون شخص، الحصول على الرعاية الصحية الأساسية”.
وأطلقت المنظمة، عبر مدير قسم عمليات الطوارئ بمنظمة الصحة العالمية ريك برينان، نداءً دولياً لتوفير المساعدات المنقذة لحياة اليمنيين، من خلال تعزيز الدعم لهذا العام، حيث وجهت مجموعة الصحة في اليمن نداءً بتوفير 322 مليون دولار، تحتاج منظمة الصحة العالمية إلى 126 مليون دولار منها.
المحافظة | عدد الحالات |
أبين | 62 |
عدن | 1 |
البيضاء | 90 |
الضالع | 124 |
الجوف | 86 |
المهرة | 2 |
المحويت | 52 |
أمانة العاصمة | 132 |
عمران | 346 |
ذمار | 329 |
حضرموت | 78 |
حضرموت الوادي | 262 |
حجة | 227 |
إب | 59 |
لحج | 269 |
مأرب | 46 |
ريمة | 136 |
صعدة | 111 |
188 | |
شبوة | 34 |
سقطرى | – |
تعز | 38 |
الحديدة | 37 |
الإجمالي | 2701 |
المصدر: وزارة الصحة اليمنية |
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها