لا يبدو أن أزمة مطار عدن التي اندلعت نهاية الأسبوع الماضي، كانت وليدة لحظتها، بل إنها ربما نجمت عن تراكمات لدى دول التحالف العربي بسبب الأداء غير المقنع للحكومة الشرعية باليمن سواء، في المحافظات المحررة أو خلال المعارك التي ما زالت تدور رحاها في محافظات شمالية منذ نحو عامين.
ووفقا لسياسيين ومحللين يمنيين، دفعت أزمة مطار عدن دول التحالف العربي إلى إبداء امتعاضها من الأداء الحكومي وما رافقه من قرارات يرى التحالف أنها لا تنفع الشرعية ذاتها وتقوّض جهود دول التحالف الهادفة إلى تمكين الحكومة من استعادة السيطرة الكاملة على مختلف محافظات البلاد.
وتدخل التحالف بوضوح في أزمة عدن التي اندلعت إثر محاولة لتغيير قائد قوات حماية المطار “أبو قحطان” واستبداله بقائد آخر يدعى “مهران القباطي”، لم يمض سوى يومين على عودته من جبهة البقع بمحافظة صعدة في أقصى الشمال اليمني.
ولم يتضح على الفور ما إذا كان هذا القرار تم بأمر مباشر من الرئيس عبد ربه منصور هادي.
ورفضت أطراف فاعلة في عدن تغيير قائد قوات حماية المطار واستبداله بإحدى الشخصيات الموالية لجماعة الإخوان باليمن، واشتبكت مع القوة الرئاسية التي حاصرت المطار وحاولت استخدام القوة لتنفيذ قرارها.
وفي هذه الأثناء أمر الرئيس هادي قواته بالانسحاب من محيط المطار، وأوفد نجله “ناصر” الذي يقود ألوية الحماية الرئاسية ومعه مدير مكتبه “العليمي” إلى الإمارات للتباحث حول هذه المشكلة، فيما غادر هو إلى الرياض في اليوم التالي للقاء مسؤولين سعوديين وآخرين من الإمارات.
عمق الخلافات
يرى مراقبون ومحللون سياسيون أن أزمة مطار عدن تظهر خلافات بين دول التحالف العربي من جهة والحكومة الشرعية باليمن من جهة أخرى، بسبب بعض السياسات والقرارات التي تنفذها أطراف في الشرعية .
يقول الأكاديمي والباحث السياسي اليمني الدكتور حسين لقور في حديث خاص لـ “إرم نيوز” إن تراكم الفشل في أداء الحكومة الشرعية قد فاقم الأزمات التي وصلت إلى ذروتها يوم السبت الماضي في مطار عدن، مؤكداً أن هذا الأمر يهم التحالف العربي؛ الذي يبدو أنه أدرك أن بقاء الوضع على هذا المنوال يهدد عملية مواجهة “الانقلابيين”.
وأضاف أن أزمة مطار عدن ليست فقط أزمة تنظيم قوى الأمن والوحدات المسلحة بل تعكس فشل الحكومة في حلحلة الكثير من الملفات التي أصبحت مزعجة للتحالف وللشعب اليمني بشكل خاص على نحو يسمح لقوى الانقلاب بتحقيق اختراقات في مناطق مختلفة بالبلاد.
وأكد لقور أن كل هذه الملفات مع اخفاقات جبهات القتال في الشمال بالتأكيد لن تكون بعيدة عن اجتماعات الرياض، مشيراً إلى أن الشرعية بحاجة لدعم نفسها قبل دعم الآخرين وذلك من خلال إعادة النظر في إدارة المناطق المحررة خصوصا في الجنوب وكذلك القيام بعمل منظم وإحياء روح الدولة التي يفتقدها الشعب اليمني.
إلى ذلك يرى حسين القهبي وهو عميد سابق في الجيش اليمني في حديث خاص لـ”إرم نيوز” أن المحافظات المحررة باليمن لاسيما الجنوبية تعيش وضع اللادولة منذ تحريرها، مشيراً إلى أن الحكومة الشرعية كانت وما زالت عبئا على عدن والمحافظات الأخرى، وأنها أضرت بها أكثر مما نفعتها على حد قوله.
وأضاف أن مشكلة مطار عدن جاءت لتكشف هشاشة الوضع القائم، بسبب عدم وجود عمل مؤسسي على الأرض، مؤكداً أن ماهو موجود هو جماعات مسلحة غير منظمة.
وحول سبب اندلاع الأزمة يقول القهبي إنها اندلعت عقب وصول شحنة أسلحة من الخارج تابعة لجماعة الإخوان وقامت القوات الأمنية وقوات التحالف بإيقافها في المطار والتحفظ عليها.
وبشأن لقاءات الرياض يرى القهبي أنها ستنتج تغييرات كبيرة في حكومة الشرعية قد تطال رئيس الوزراء بن دغر شخصياً، مؤكدا أنّ على دول التحالف أن تولي اهتماما كبيرا بالمحافظات المحررة؛ كي تكون أنموذجاً مشرقاً للشرعية من خلال التخفيف من معاناة المواطنين وحل المشاكل التي يواجهونها كافة، والتي تخص أبسط مقومات الحياة مثل: الكهرباء والمياه والمرتبات والمشتقات النفطية.
ويقول: “إذا ظلت الأوضاع على ما هي عليه سينقلب السحر على الساحر، وسيتحول الناس من موقف داعم حاضن للتحالف والحكومة الشرعية إلى موقف مضاد”.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها