فيما تتجه الأمور في اليمن إلى عكس ما خططت له إيران، يشير مختصون إلى أن طهران ستضطر "مرغمة" إلى تقديم مزيد من التنازلات "المؤلمة" خلال الفترة المقبلة، وأن زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني سلطنة عُمان ودولة الكويت اليوم الأربعاء ستكون محاولة دبلوماسية إيرانية للخروج من المأزق اليمني بأقل الخسائر الممكنة، وفي الوقت نفسه ستسعى للحفاظ على المكاسب التي حققتها في الساحتَيْن السورية والعراقية.
وتتزامن زيارة روحاني لعُمان والكويت مع زيارة يقوم بها حاليًا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى البحرين والمملكة وقطر، تستهدف تعزيز العلاقة التركية الخليجية، وتنسيق الأدوار من أجل إيجاد حلول لأزمات منطقة الشرق الأوسط، وعلى رأسها الأزمة السورية التي تعيش عامها الخامس دول حل حقيقي، بعدما زادت فيها حدة التدخلات من إيران وروسيا من جانب، وأمريكا والعالم الغربي من جانب آخر، ولكل منهما استراتيجيته وآليته في حل الأزمة.
وتعتمد إيران سياسة "التدخُّل العلني" في شؤون الدول الأخرى، عبر مساندة المليشيات والعصابات التي تنفّذ أجندتها الخارجية على أرض الواقع؛ إذ تتدخل طهران في الأزمة السورية بدعم عدد من المليشيات المساندة لحكومة بشار الأسد، كما أوعزت لحزب الله التوجه إلى سوريا والقتال بجانب القوات الحكومية لقتال المعارضة والشعب السوري، إلى جانب تدخُّلها العلني والصريح في لبنان من خلال حزب الله اللبناني الذي يعكر صفو الدولة، ويربك الحياة السياسية فيها.. وتتواصل التدخلات العلنية الإيرانية في اليمن بمساندة جماعة الحوثيين في انقلابهم على الشرعية هناك، ومحاولة اغتصاب السلطة من الحكومة المنتخبة عنوة، وهو ما رفضته المملكة العربية السعودية، ومعها دول عربية وإسلامية عدة، وقررت فيما بينها تكوين تحالف دولي لمواجهة الأطماع الحوثية، وردهم على أعقابهم.
وخلال الأسابيع الماضية حقق الجيش اليمني بمساندة قوات التحالف العربي المزيد من الإنجازات العسكرية على أرض الواقع؛ إذ سجل الجيش اليمني انتصارات متتالية على الانقلابيين في مختلف عملياته العسكرية، تتضمن تأمين وإنعاش ميناء المخا الاستراتيجي وبقية الموانئ التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية، وقرب تشغيل ميناء المخا خلال أيام. ويعد تأمين مدينة المخا انتصارًا جديدًا، يُضاف إلى سلسلة الانتصارات التي يحققها الجيش الوطني، وهو يستعد حاليًا للزحف نحو معسكر خالد بن الوليد شرقًا، وميناء الحديدة على امتداد الشريط الساحلي بدعم جوي وبري وبحري من قوات التحالف العربي، وهو تحالف مساند للشرعية، يقوم بأدوار فاعلة لإعادة الشرعية إلى اليمن من خلال تحرير المدن كافة التي استولى عليها الانقلابيون.
وتقلق الانتصارات التي يحققها الجيش اليمني مضجع إيران، التي بدأت تشعر بأن الورقة اليمنية بدأت تفلت منها، وسيسعى روحاني خلال زيارته عُمان والكويت إلى إيجاد مخرج دبلوماسي، يعيد من خلاله التفاوض مع دول الخليج مستهدفًا في الأساس المملكة بطريق غير مباشر لإبداء التنازل عن "الورقة اليمنية"، مقابل المحافظة على المكاسب في الأزمة السورية، وهو ما سترفضه المملكة التي ستتمسك بمبادئ عدم المساس بوحدة سوريا وسلامة أراضيها من المد الإيراني المدمر لمنطقة الشرق الأوسط.
وكشف حساب "شؤون إيرانية" على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" عن نية إيران إعلان الاستسلام في الأزمة اليمنية، ولكن في قالب دبلوماسي، يُظهر طهران في صورة الحمل الوديع، الذي يراعي حق جيرانه. وقال الحساب الذي يديره الدكتور محمد السلمي، الخبير في الشؤون الإيرانية، في 8 تغريدات إن "اليمن لا تفاوض عليه مطلقًا، وسيتم حسم الأمر عسكريًّا قريبًا بإذن الله، وإذا كان هناك أي حوار فينبغي على طهران سحب مليشياتها من العراق وسوريا". مبينًا في تغريدة ثانية أن "المحاولة الإيرانية تؤكد أن طهران أيقنت بقرب سقوط الحركة الانقلابية في اليمن، وسوف تتوقف عن الدعم إجباريًّا بسبب إغلاق المنافذ.. ينبغي فهم ذلك".
وأشار السلمي في تغريدة ثالثة إلى نجاحات الجيش اليمني على أرض الواقع، وقال: "تابعت إيران تقدم قوات الشرعية في محافظة المخا، والاقتراب من محاصرة ميناء الحديدة؛ وبالتالي خنق الانقلابيين؛ لذا تريد طهران الظهور بالتنازل". محذرًا في تغريدة رابعة من أن "زيارة روحاني إلى عمان والكويت تتزامن مع زيارة الرئيس التركي إلى المنطقة؛ إذ تخشى ظهران أن يكون هناك تنسيق سعودي تركي بشأن سوريا". وقال في تغريدة خامسة: "يروج الإعلاميون الإيرانيون لمقترحات إيرانية، قد يكون من بينها تراجع إيران في اليمن للحفاظ على المكاسب في سوريا والعراق".
وتابع السلمي في تغريدته السادسة: "ستحاول إيران أن تبدي مرونة سياسية في الأزمة اليمنية، بمحاولة التخلي عن دعم مليشيات الحوثي". محذرًا من أن "هذا التخلي إن حدث سيكون بمنزلة خدعة إيرانية لدول الخليج". وأضاف في تغريدة سابعة: "إيران تتبع سياسة عدوانية، وأي مرونة خليجية مع إيران دون تغيير حقيقي لهذا السلوك على أرض الواقع يعني عودتنا إلى المربع الأول؛ وسنعاني مستقبلاً". وأضاف في تغريدة ثامنة: "لا ينبغي أن ننخدع بوعود الثعلب روحاني، والوجه المبتسم (بزيادة) ظريف، وننتظر خطوات على الأرض، تثبت جدية إيران، وليس تكرارًا لأسطوانة مشروخة".