ارتفع مستوى الخلاف بين واشنطن والرياض، مع قرار البيت الأبيض بتجميد نقل ذخائر دقيقة التوجيه إلى المملكة، في إطار غضب أمريكي بشأن حصيلة القتلى المدنيين الذين سقطوا في الضربات الجوية التي يشنها تحالف الذي تقوده السعودية في اليمن.
ويبدو أن واشنطن بلغت نقطة تحول في استيائها حيال السعودية بشأن التدخل العسكري في اليمن مع تنفيذ غارة في 8 تشرين الأول/أكتوبر استهدفت مجلس عزاء في العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون، موقعة 140 قتيلا و525 جريحا.
سارعت الولايات المتحدة إثر الغارة، للإعلان عن مراجعة فورية لدعمها للتحالف الذي تقوده السعودية حتى يتلاءم مع أهداف السياسة الخارجية الأمريكية وقيمها.
وبرزت أبعاد أخرى لهذه الغارة عندما أكد تقرير قدمه مجموعة من الخبراء إلى مجلس الأمن الدولي أن التحالف العربي نفذ "ضربة مزدوجة" ما شكل خطرا على رجال الإسعاف، وهو الأمر الذي يشكل انتهاكا للقانون الإنساني الدولي، حيث جاء في التقرير أن المجموعة تواصل التحقيق لمعرفة ما إذا كانت الضربة الثانية أصابت مباشرة العاملين الطبيين وهو ما يمكن اعتباره جريمة حرب.
مسئول كبير في إدارة أوباما أعلن أن التعاون الأمني ليس شيكا على بياض، مبديا مخاوف حيال الحرب التي تشنها الرياض على المتمردين الحوثيين في اليمن، وموضحا أن هذه المخاوف دفعت البيت الأبيض إلى عدم المضي قدما في بعض صفقات المبيعات العسكرية الى الخارج من الذخائر، وركز المسئول الأمريكي على أن هذا القرار يعكس قلقا أمريكيا شديدا ومستمرا بشأن أخطاء التحالف في عمليات الاستهداف والطريقة التي يقود بها الحملة الجوية في اليمن بصورة عامة.
ولا يعتقد الكثير من المراقبين أن الأمر يقتصر على تقييم أداء عسكري سعودي، ويرون أنه يكشف عن خلاف قائم بين الدولتين الحليفتين في ظل حالة من التوتر تطبع العلاقات بينهما، ذلك إن البيت الأبيض يحاول، منذ فترة طويلة، تحقيق توازن بين قلقه إزاء سير الحملة السعودية في اليمن والمخاطرة بالدخول في نزاع أوسع مع شريك رئيسي في الشرق الأوسط، خصوصا وأن الحملة ترتبط بشكل وثيق بولي ولي العهد وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان الذي برز بسرعة كلاعب مهم في الرياض.
وارتفعت حدة التوتر بين واشنطن والرياض مع إقرار الكونغرس مؤخرا مشروع قانون يسمح لأقارب ضحايا اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر بمقاضاة السعودية، وكان الرئيس أوباما قد فرض الفيتو الرئاسي لتعطيل القانون غير أن الكونغرس تجاوز هذا التعطيل وصوت على النص، في أول خطوة من نوعها منذ بدء رئاسة أوباما.
خلاصة الموقف جاءت في توضيحات المتحدث باسم البنتاغون الكابتن جيف ديفيس، الذي قال إنه "اعتبارا من اليوم تستمر مساعدتنا. لكنها محدودة للغاية، وتتضمن تزويد الطائرات بالوقود في الجو وتقديم مشورة محدودة حول كيفية توجيه الضربات"، وأكد المتحدث باسم البيت الأبيض جوش ايرنست أن الولايات المتحدة لن تعيد تعبئة جهودها لدعم السعوديين حين يتعلق الأمر بتعزيز أمن الحدود وسلامة أراضيهم، وان الأمر سيشمل تبادل المعلومات، حيث سيتخذ الأمريكيون خطوات لإعادة ترتيب تقاسم المعلومات، وأفاد مسؤول كبير في الإدارة الأميركية أن مساعدة إضافية يمكن ان تركز الآن على "تدريب القوات الجوية السعودية" على كيفية الاستهداف.
مع وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، بعد حملة أكد خلالها، أنه ينبغي على السعوديين والخليجيين سداد تكاليف حمايتهم من أعدائهم الخارجيين، والأهم من ذلك، هو توجهات الرئيس الجديد في إطار السياسة الدولية نحو تقارب مع روسيا، وبالتالي الابتعاد عن موقف معادي للنظام السوري، يبدو واضحا أن هذا الخلاف المتصاعد مع أوباما قد يزداد حدة مع ترامب، إذا لم يحدث تغييرا كبيرا في توجهات أحد الجانبين.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها