قال فيصل المجيدي - رئيس مركز «إسناد لتعزيز القضاء وسيادة القانون» -: «إن الواضح أن التحالف العربي والحكومة اليمنية يخضعان لضغوط قوية جدًا، حيث يحج السفراء بشكل مستمر إلى الرياض لملاقاة قيادة التحالف والحكومة اليمنية، وبخاصة من جانب أميركا وبريطانيا».
وأوضح - في تصريحات خاصة لـ«الخليج العربي» - أن وزير الخارجية الأميركي أضحى يتعامل مع الملف اليمني كمنقذ له من الإخفاق، ويريد أن يسلم العهدة لخلفه بانتصار ولو معنوي، بعد إخفاقه في كثير من الملفات، على رأسها الملفان السوري والفلسطيني وأيضا الكوري الشمالي.
وأضاف المجيدي: «لهذا لم يسبق لوزير أميركي - على حد علمي - أن قطع آلاف الأميال للقاء ميليشيات ومحاولة شرعنتها كما فعل كيري عندما قام بزيارته التي ربما تكون الأخيرة، ليجتمع بميليشيات الحوثي وبوجود القيادة العمانية».
وأشار إلى أن المثير للسخرية أن الاجتماع كان محصورًا بين كيري، وهو يمثل أقوى دبلوماسية على وجه الأرض، وميليشيات انقلابية ليس لها أية شرعية، ولم يستدعوا حتى الطرف الآخر المشارك في الانقلاب وهو علي عبد الله صالح، وإنما اجتمع كيري بوفد من الانقلابيين برئاسة الناطق باسم الجماعة محمد عبد السلام وحضور مهدي المشاط، ولعل العضو الثالث هو حمزة الحوثي.
ولفت المجيدي إلى أن هذا الأمر يضع أكثر من علامة استفهام حول الدور الذي تلعبه أميركا وحول الدور الذي تريد من الميليشيات أن تلعبه، وبخاصة في ضوء حديث بعض المراقبين عن برتوكولات الاتفاق النووي، والذي التزمت أميركا بتمكين إيران وميليشياتها في المنطقة من السيطرة على القرار السياسي على حساب الدول العربية.
ولمَّح إلى أن أميركا جعلت إيران هي الشرطي في الشرق الأوسط، ممثلة لمصالح الغرب ومنافسة لإسرائيل على قلب أميركا، وهو الأمر الذي ظهر جليًا في أن يتفرغ وزير خارجية أقوى دولة على ظهر البسيطة للحضور للمنطقة والالتقاء بالميليشيات منفردة، دون أن يعرج على الأقل على السعودية، ومن ثم يلتقي قيادة التحالف والرئيس هادي وكأنه جاء فقط من أجل حل مشكلة الانقلابيين وليس الإسهام في حل القضية اليمنية ولا لإشكالية تواجد أذرع ومخالب إيران في اليمن والمنطقة العربية، وتهديدها لمصالح كبيرة للسعودية ومن خلفها دول الخليج.
ويرى المجيدي أن تصريحات كيري بتلك الطريقة التي أخرجته عن إطار العمل الدبلوماسي وتقمصه دور الأطراف دون السماع لهم، فضلاً عن أن يتحدث باسمهم، وانزواء وتحول ولد الشيخ إلى الظل، يكشف بجلاء مدى سيطرة أميركا على قرار الأمم المتحدة وإن كان في هذه المرة ظهر بشكل فج ومستفز، وهو ما جعل الحكومة اليمنية وعبر وزير خارجيتها ترد وبقوة بأن ما حصل في مسقط لا يعنيها ولا يمثلها، ولن تلتزم بأي مما ورد فيه، وفعلا لم تتم الموافقة على الهدنة كما صرح كيري بأنها ستكون يوم الخميس 17 نوفمبر (تشرين الثاني) تمهيدًا لمشاورات في آخر الشهر الحالي.
وأوضح المجيدي أن هذا الأمر جعل التحالف يقول إنه ملتزم بالاستمرار بالعمل العسكري طالما لم تصله رسالة من الرئيس اليمني، وهو الأمر الذي أسقط في يد كيري، فحاول تدارك الأمر وأرسل مساعده لمقابلة الرئيس هادي والحديث معه بصيغة أقرب إلى الاعتذار عن تصريحاته غير الموفقة، وقبل ذلك سبق ما يشبه التوضيح من الناطقة باسم الخارجية بأنه سيتم التواصل بالحكومة اليمنية وأنه لا يمكن لكيري أن يتحدث نيابة عنها.
وأشار إلى أن الحكومة اليمنية في محاولة لمواجهة الضغوطات لم تلتزم بالموعد المحدد في 17 نوفمبر، ولكنها أعلنت هدنة لمدة 48 ساعة بتوجيه رسالة للتحالف باعتبارها هدنة إنسانية وليست متعلقة بالمفاوضات، بل إن الهدنة كانت مشروطة برفع الحصار عن تعز وإدخال المساعدات الإنسانية لها وإلى بقية المدن، إضافة إلى ضرورة عدم التحرك أو العمل العسكري ووجوب نقل أعضاء اللجنة العسكرية من الحوثيين إلى ظهران الجنوب.
وقال المجيدي: «إن اللافت في الأمر هو تحرك كيري في هذا الوقت الذي أحرز فيه الجيش انتصارات كبيرة في مدينة تعز وكادت أن تستولي على آخر معاقل الميليشيات في المدينة، وهو ما رآه الجيش والمقاومة طعنة في ظهورهم، وأبدوا امتعاضهم من قرار الهدنة، مع أنهم أعلنوا الالتزام بشرط التزام الميليشيات، والتي استبقت إعلان الهدنة بقصف منطقة المستشفى العسكري وقامت في يوم الهدنة ذاته بنقل مئات من الأفراد إلى مختلف الجبهات مستغلة توقف الطيران».
وأضاف: «لإدراك حالة الغليان في الجيش والمقاومة في مدينة تعز، بمجرد إعلان انتهاء الهدنة فإن الجيش استطاع أن يطرد الميليشيات من معسكر الدفاع الوطني، مع أن الميليشيات كانت تحكم السيطرة عليه، وهو موقع استراتيجي سيؤثر على موازين القوى وسيكون له تأثير كبير في قادم المعارك».
وبيَّن المجيدي أن تسجيل ما يقارب 500 اختراق للهدنة من طرف الحوثيين وبخاصة في مدينة تعز التي وصل فيها عدد الخروقات إلى ما يقارب 200 خرق، إضافة إلى إطلاق الميليشيات صاروخا على مدينة مأرب، وضع أكثر من علامة استفهام في جبين الإدارة الأميركية، متسائلاً: «هل فعلاً تريد إحلال السلام وإنقاذ اليمن والمنطقة من العنف؟ أم أن الهدف استمرار الفوضى وإنقاذ الميلشيات التي تتغذى على الجو الفوضوي؟».
وأشار إلى إجراء الرئيس هادي لتغييرات في كثير من المواقع العسكرية الضخمة، وعلى رأسها نائب رئيس هيئة الأركان، وكذا قائد المنطقة العسكرية الرابعة، وهي التي تقع في نطاقها محافظة تعز، وهي النقطة الأكثر سخونة في المشهد والتي تعتبر من الناحية العسكرية منطقة كسر العظم، فمن حسم فيها المعركة فقد كسب الشيء الكثير. ولفت المجيدي إلى أن الشرعية والتحالف لو كسبوها فإن سقوط بقية المناطق تحصيل حاصل حتى الوصول إلى صنعاء، وهي معركة الحسم، وإن كسبتها الميليشيات فمعنى ذلك عودتها للجنوب وتهديد العاصمة المؤقتة عدن.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها