اعلن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الثلاثاء 15 نوفمبر الحالي عن موافقة جميع الأطراف (الحوثيون و الامريكان و الأمم المتحدة والسعوديون و الإماراتيون) فيما تم إقصاء طرف “الشرعية” من ذلك ، بوقف الحرب بدءا من يوم 17 نوفمبر الجاري و تشكيل حكومة وحده وطنية بحلول نهاية العام و تنفيذ ما جاء في خطة ولد الشيخ ( خارطة الطريق) بتسلسلها المكتوب .
اقصاء طرف الشرعية .. لماذا ؟ ماهي الأسباب ؟
الجواب اختصارا .. أداء الشرعية المنبطح هو السبب ، تخبطها وارتباكها ، واهتمامها بهوامش الأمور هو السبب ، اختصرت الشرعية مشروعها وهمومها وقضيتها في زاوية تعيينات تخص الأبناء والاقارب والمحسوبين والمطبلين والمصفقين وشلة أبناء هادي وترتيب أوضاعهم في مؤسسات دولة غير موجودة ..
جهود التحالف ودعمه المالي والعسكري والسياسي والديبلوماسي واللوجستي لم يستغل ويترجم من قبل قيادة الشرعية ، بل تحول هذا الدعم الى كارثة استنزاف لدول التحالف وخاصة المملكة العربية #السعودية التي استضافت قوى الشرعية ومؤسساتها المختلفة ووفرت لهم كل حاجاتهم ومتطلبات العمل على أمل منها ان هادي سيتحرك وسيقوم بتفعيل الأدوات الداعمة له ويستثمر هذا الدعم لتحقيق اهداف التحالف وهو استعادة الشرعية وانهاء الانقلاب ونزع سلاح الدولة اليمنية من مليشيا #الحوثي الذي تم تسليمه لها بموجب انبطاح هادي أيضا ..
اعلن المبعوث الاممي لليمن إسماعيل ولد الشيخ عن خطة سلام نهاية شهر أكتوبر الماضي تضمنت نقل صلاحيات هادي لنائب يتم التوافق عليه وتشكيل حكومة من كل الأطراف وانسحاب الحوثيين من صنعاء وتعز والحديدة كمرحلة أولى ..
خطة ولد الشيخ هي ترجمة لاجتماع اللجنة الرباعية نهاية شهر سبتمبر الماضي ( وزراء خارجية أمريكا وبريطانيا والسعودية والامارات) وهي الدول التي تمسك بالملف اليمني ، وقد اعلن في الاجتماع توافق الرباعية على خطة لفرض السلام في اليمن ، تم ترجمته عمليا بالخطة التي اعلنها المبعوث الاممي وقال ان الخطة بموافقة وزراء خارجية الدول الأربع ودعم مجلس الامن ..
يوم اعلن ولد الشيخ خطة السلام أعلنت دولة الامارات موافقتها ومباركتها بينما سكتت السعودية والسكوت هنا هو علامة الرضى " الموافقة " ، بدورها أعلنت الشرعية اليمنية بالرياض رفضها للخطة ورفضت استلام نسخة منها بينما ولد الشيخ اعلن في جلسة مجلس الامن انه سلم كل الأطراف نسخة من الخطة ..
رفض الشرعية التعامل مع الخطة لم يكون ديبلوماسيا بقدر ماهو عاطفي وانفعالي وبدلا من دراسة الخطة وتشكيل فريق لمواجهتها ديبلوماسيا اتجهت الشرعية للشارع بدعم اخراج مظاهرات تأييدا لهادي ورفضا للمبادرة ..
مواقف هادي دائما تأتي متأخرة وفي الوقت الضائع ، لم يستفيد من دعم التحالف والدعم المحلي والإقليمي والدولي لشرعيته ، ظل يتخبط يمينا وشمال ، تحول الى أداة ارباك حقيقية سواء بقراراته او بتصرفاته ..
التحالف كان يراقب خطوات هادي بدقة ، لم يستوعب الرسائل المشفرة ولا حتى الرسائل المباشرة ، التحالف لبى طلبات هادي كلها وقام بتجهيز كل مايحتاجه من اجل استعادة الدولة ، التحالف من اول يوم اعلن انه لبى طلب هادي رغم ان هادي لم يكون على علم بالعاصفة الا بعد مرور يوم كامل عليها وقد اعلن عن ذلك في مقابلة متلفزة ، ما يعني ان التحالف أساسا لا يثق بهادي كقائد ، لهذا تم الاعداد والترتيب للعاصفة بدون علمه لثقة التحالف ان ابلاغ هادي بخطة العاصفة سيسربها للانقلابيين كما سرب خطط سابقة أيام كان رئيسا في صنعاء قبل انقلاب 21 سبتمبر 2014 حين ذهب الى قصره أربعة قادة عسكريين ( قادة اكبر الالوية والمناطق ) وقالوا له بالحرف الواحد انت رئيسنا وانت القائد ونحن اقسمنا على حماية الوطن والثورة والجمهورية والنظام ، ونحن سننفذ كل توجيهاتك ولا نعترف بغيرك تأكيدا منهم بولائهم لهادي ، وطلبوا منه تكليفهم بحماية الدولة وحماية الشرعية والتوجه الى حدود صعده لوقف توسعات الحوثي ووقف تصرفات علي صالح الرئيس السابق وعرقلته لهادي ، وقال لهم قدموا طلب مكتوب بذلك وكتبوا طلبا وهم في عنده في المكتب وقام بتحويل الطلب الى وزير الدفاع انذاك محمد ناصر احمد وهو مقرب من هادي عائليا ومحل ثقة مطلقة عند هادي ، وطلب من وزير الدفاع ان يجتمع مع رئيس الأركان ومدراء دوائر وزارة الدفاع للتوقيع على الطلب بهدف الحصول على الاجماع ، غادر القادة العسكريين الأربعة مكتب هادي " منزله" وقام هادي بإرسال نسخة من الطلب للرئيس السابق علي عبدالله صالح واتصل ابتعه اتصال هاتفي من هادي لصالح قال له " شوف اصحابك بيبيعوك ووقعوا على اخراجك بالقوة او حبسك او اعتقالك وانا الذي احميك منهم " ..
اجتمع القادة الأربعة بوزير الدفاع ورئيس الأركان ورؤساء الدوائر بوزارة الدفاع ووقعوا جميعا على الطلب الذي تقدم به القادة الأربعة وبعد دقائق تم ارسال نسخة من التوقيع الى عبدالملك الحوثي ، فوضع هادي القادة الأربعة امام موقف محرج ، بل انه يحرض عليهم ، علي صالح يتصل يعاتبهم وعبدالملك الحوثي يتصل بهم أيضا ويقول لهم انتم أعداء وهذا يعني ان هادي اصبح صديقا مخلصا لعبدالملك الحوثي وصالح ، هكذا فهم القادة الأربعة تصرفات هادي ، هذه القصة حقيقية ولا زال ثلاثة من ابطالها احياء ورابعهم استشهد في حادثة الصالة الكبرى وهو اللواء علي بن علي الجائفي رحمه الله ..
هذه صورة مصغرة من أسلوب إدارة هادي للدولة وكيف ضيع اليمن بإعتماده على أسلوب اثارة الصراعات والخلافات بين قوى وقيادات الدولة ، قام بهذا العمل مع الأحزاب السياسية الممثلة بالحكومة ومع مكونات أخرى ..
ظل هادي يمارس نفس الأسلوب مع المكونات والقوى الداعمة للشرعية بعد الانقلاب والموجودة بالرياض ، ومارس هذا الأسلوب مع قوى وقيادات المقاومة في الداخل حتى احدث ارباك كبير لاداء الشرعية السياسي والعسكري ، حتى تعييناته لمسؤلي المناطق المحررة جاء وفق هذا الأسلوب ، ونتج عنه انهيار الامن والاستقرار وتحولت تلك المناطق الى مناطق فاشلة بإمتياز ..
قام التحالف بعملية تحرير المناطق الجنوبية وحرر عدن من اجل انتقال القيادة الشرعية لها بإعتبارها العاصمة المؤقتة من اجل تخفيف الضغوط على التحالف وخاصة #السعودية ، لكن هادي حول تلك المناطق الى مناطق صراع مناطقي وسلمها للجماعات المسلحة ، وتحولت عدن الى بيئة طاردة لكل ماله علاقة بالدولة ، في الوقت الذي أصبحت المناطق الخاضعة لسيطرة الانقلابيين اكثر استقرارا من المناطق المحررة ..
هذه التصرفات وغيرها كانت محل رقابة دائمة من دول التحالف ومن الدول الراعية للسلام في اليمن ، ووصلت الى قناعة تامة بعد عامين من الحرب والدعم الى طريق بلا نهاية ، اقتنعوا ان هادي فاشل وليس رئيس دولة ، معززين هذه القناعة بتصرفاته الطائشة والمربكة ..
كثير من الناس يعتقد ان التحالف سحب الصلاحيات من هادي وهذا اعتقاد خاطئ ، التحالف وخاصة السعودية تعاملت مع هادي كرئيس دولة له كامل الصلاحيات والاستقلالية وله حرية التصرف ، وهذا الموقف هو الذي حوله الى "فرعون " فساد وعبث كبير ، ارهق التحالف وطال امد الحرب ولم يصل الى خطة محددة لانهاء الانقلاب ..
كيف نريد كيمنيين داعمين للشرعية من العالم ان يتعامل مع هادي وهو الذي لم يلقي اهتماما بمستوى وحجم الدعم الذي قدم له من التحالف وهو صاحب القضية الأول ووجودهم معه هو عبارة عن داعم فقط ، لكن هادي حول التحالف الى خزينة مفتوحة لصرف الأموال وجهاز مشتريات يقوم بتوفير متطلبات هادي ، العبث والاستغلال وسوء التصرف والسمسرة كانت كل تفاصيلها عند قيادة التحالف ودول التحالف والداعمين ، اقنتعوا ان هادي ليس رجل دولة ولا رجل حرب ولا رجل سلام ، وعليه وصل كل الداعمين من التحالف وغيره الى يقين كامل بضرورة استبعاد هادي ومثلما كانت البداية كانت أيضا هي النهاية " كان اخر من يعلم عن العاصفة واخر من يعلم عن الاتفاق " ..
كل توقعاتي التي كتبتها خلال فترة هادي سواء قبل الانقلاب او اثناء العاصفة لم تكون كاذبة او بعيدة عن الواقع وعلى كل الذي يشككون بذلك مراجعتها ، ومقارنتها بتصرفات هادي وما آل اليه ..
دول التحالف لم تعلن أي دولة اعتراضها على خطة ولد الشيخ وأيضا على تصريحات كيري الذي اكد ان خطة السلام تمت بمشاورة ولي ولي العهد ووزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز وولي عهد ابوظبي الشيخ محمد بن زايد وهما الدولتان الرئيسيتان في التحالف ، ولم تعترض أي دولة عضو في التحالف ، مايعني ان هادي اصبح ماضي واستبعاده من المشاركة سيفرض فرضا من خلال موقف القوى السياسية الذي سيتغير في الأيام القادمة ..
دول التحالف وخاصة #السعودية تعرف ان هذا الحل له مخاطر كثيرة على امنها القومي لكنه لن يكون اكثر خطرا عليها من بقاء هادي بهذا الأسلوب ، على الأقل سيوفر هذا الحل فرصة للسعودية للاستعداد للمرحلة القادمة لمواجهة ايران في حدودها الجنوبية ..
السعودية تدرك ان مصلحتها حاليا هو تأمين جبهة اليمن ولو بشكل مؤقت بدلا من الاستنزاف بلا حدود ..
ومع كل هذا لا يمكن اغفال جانب المفاجئات ، سواء على الأرض او على الجانب السياسي ..
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها