كان للمرأة العدنية حضور فاعل في النضال ضدّ الاستعمار، منذ المخاضات الأولى لثورة 14 أكتوبر 1963م. لعبت دوراً مهّماً في نجاح الكفاح المسلّح، وأسهمت في خوض مختلف أشكال النضال السياسي التحرّري، منذ اللحظات الأولى للثورة، فحملت السلاح وقاتلت ضدّ قوّات الإحتلال البريطاني، ومن أبرز تلك الأسماء، الفقيدة دعرة لعضب، والفقيدة أم شائع. شاركت المرأة العدنية في التنظيمات السياسية، وتصدّرت المظاهرات، وتوزيع المنشورات والبيانات، كما نقلت الرسائل والأسلحة والذخيرة والغذاء للمناضلين، ورصدت تحرّكات القوّات البريطانية وعملائها، وزوّدت الثّوار بالمعلومات، كما ساهمت في قيادة الإضرابات، وإخفاء الفدائيين، وتوعية النساء وتعبئتهن، للوقوف إلى جانب الثورة، وجمع التبرّعات منهن.
في عام 1958م، بدأت الحركة النسائية اليمنية النضال بشكل متطوّر نسبياً. ومن أجل احتواء نضالها، سمح الاستعمار بإنشاء مؤسّسة نقابية للمرأة، لأوّل مرّة في تاريخ البلاد، وبذلك تأسّست "جمعية المرأة العدنية"، برئاسة أم صلاح محمد علي لقمان، لتنظيم المرأة في مدينة عدن، واقتصر نشاطها على تقديم بعض الأعمال الخيرية، والنشاطات الإجتماعية. ومع نموّ الوعي السياسي في صفوف المرأة في مدينة عدن، اتّضح لها عجز قيادات جمعية المرأة العدنية، فتكوّنت "جمعية المرأة العربية"، بقيادة رضية إحسان الله، وليلى الجبلي، إلّا أنّها لم تختلف من حيث تكوينها عن جمعية المرأة العدنية.
وكانت المراتب التنظيمية للقطاع النسائي للجبهة القومية، على الشكل التالي:
- الرابطة: كانت تضمّ نجوى مكاوي، وفوزية محمد جعفر، وأنيسة الصايغ، وفطوم علي أحمد، وعائدة يافعي، وثريا منقوش، وفتحية باسنيد، ونسيم عبد الخالق.
- الخلايا القيادية: وتضمّ نجيبة محمد عبدالله، وآمنة يافعي، وعيشة سعيد ناليه، وشفيقة مرشد، وأنيسة احمد سالم، ورجاء احمد سعيد، وخولة شرف، وأسمهان عقلان، وسلوى مبارك، وأخريات.
- الخلايا: وتضمّ فطوم عبد اللطيف، وآسيا مرشد، وسميرة قائد محمد، وسميرة الخطيب، وسعاد يافعي، وخديجة قاسم، وشفيقة عراسي، ووديعة عزعزي، وأنيسة سليمان، وسهام أحمد عبد المجيد، وإلهام عيدروس، وأنيسة عبود، وعائشة محسن وأخريات.
كما لعب القطاع النسائي لجبهة التحرير دوراً لا يقلّ أهمّية تحت قيادة الأخوات ليلى جبلي، ورضية إحسان الله، ونعمة سلام، وزنوبة حميدان، وبنفس القدر من الحماس لعب القطاع النسائي لـ"حزب الاتّحاد الديمقراطي الشعبي"، و"حزب البعث العربي"، دوراً لا يستهان به.
نماذج للنضال
الفدائية دعرة بنت سعيد ثابت، إحدى المناضلات البارزات، عضو قيادة جيش التحرير في منطقة ردفان، خاضت معارك كثيرة ضدّ الاستعمار، وشاركت في معارك صرواح الشهيرة، ومكثت تشارك ببسالة وشجاعة انتحارية في جميع المعارك. أسهمت بشكل فاعل في النضال السياسي التحرّري، كما أنها نزلت إلى ميدان القتال، مستخدمة محتلف أنواع الأسلحة الخفيفة والثقيلة، وعندما قضي على التسلّل الرجعي الاستعماري، نقلت المناضلة البطلة مع كتيبتها إلى منطقة «المحابشة»، وبقيت هناك ستّة أشهر متوالية، ترتدي ملابس الرجال وتخوض أعنف المعارك، وقد سجّلت هناك بطولات خارقة، ظلّت حتّى الآن حديثاً يتردّد على لسان كلّ عربي، عرف المناضلة الجنوبية البطلة دعرة بنت سعيد ثابت، وعندما اشتعلت الثورة فوق جبال ردفان، كانت المناضلة تقف في الصفوف الأولى جنباً إلى جنب مع الشهيد البطل راجح بن غالب لبوزه.
وتعدّ المناضلة خولة أحمد شرف، صاحبة رصيد نضالي واسع، فهي من مناضلات حرب التحرير، التي شاركت فيها المرأة إلى جانب أخيها الرجل، حيث درست في مدرسة البنات في الشيخ عثمان، التي افتتحت في عام 1956م، وكانت أوّل مدرسة فيها.
تقول شرف عن دور المرأة النضالي في ثورة أكتوبر "كان للمرأة الدور الأكبر، حيث كانت تعمل على نقل أسلحة وإخفائها في سياراتهن، كما فعلت الفقيدة نجوى مكاوي، وإخفاء بعض الفدائيين في منازلهن، والبعض الآخر تلقي كلمة من على منبر المساجد، وكانت الجبهة القومية تصدر نشرة التحرير بمطبعة عادية، كانت عبارة عن ورقة واحدة من الجهتين، فيها أخبار ومواضيع توعوية، توزّع داخل المدارس، وعملت هذه النشرة على رفع مستوى التوعية والاستقطاب، خاصّة بعد أن انتقل العمل إلى جبهة عدن عمل فدائي، نحن كنا ضمن القطاع الشعبي، وهو القطاع النسائي، واستمرّ نضالنا إلى نيل الاستقلال".
تضيف "النساء شكلنّ إبان مرحلة الكفاح المسلّح الدرع الواقي للمتظاهرين على الاستعمار، وكان لوجودهن في صدر التظاهرات الحماية لجميع المتظاهرين، إذ إنّ الاستعمار كان يخشى ردّة فعل المجتمع، فيما إذا قام بقمع المظاهرات، التي تتصدّرها النساء، وبفعل الحمية والنخوة، وتركيبة قوّات الاستعمار البريطاني". تلخص شرف الوضع حينذاك بالقول "الظروف آنذاك كانت تستدعي من الجميع رجالاً ونساء الانخراط ضمن خلايا العمل المسلّح، الذي يشهد لنا كنساء بذلك".
ونالت المرأة في ثورة 14 أكتوبر شرف الإستشهاد، ومنهن: الشهيدة خديجة الحوشبية، والشهيدة عائشه كرامة، والشهيدة فاطمة. كما نالت امرأتان شرف الإعتقال على أيدي سلطات الاحتلال، حيث اقتيدت المناضلة الفقيدة نجوى مكاوي، والمناضلة فوزية محمد جعفر، اللتان كانتا في سيارة تقودهما، الأولى إلى معتقل بشرطة خور مكسر، بعد أن ضبطا وهما يقمن بتوزيع منشورات للجبهة القومية، تدعو فيهن الجماهير إلى مسيرة جماهيرية، لتشييع جثمان الشهيد الفدائي عبود.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها