أوصى أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك سعود، والخبير في الشأن الاستراتيجي الدكتور إبراهيم النحاس بضرورة سحب السعودية لجزء من أرصدتها وتحويلها إلى دول أخرى قبل بدء إجراءات رفع الدعاوى أمام المحاكم الأمريكية.
وقال أستاذ العلوم السياسية أن تداعيات إقرار القانون ربما تؤدي إلى عدم تعامل الدول الحليفة مع الولايات المتحدة مستقبلًا، خاصة أنها تملك من القدرة السياسية والاقتصادية والأمنية ما يمكنها من إقامة علاقات متقدمة مع دول كبرى أخرى، ما يعني أن الآثار السلبية لقانون كهذا ستمتد إلى مصالح أمريكا الاستراتيجية.
وفي تعليقه على إقرار الكونجرس للقانون، الأربعاء (28 سبتمبر 2016)، قال النحاس : "يجب أن تقدر أمريكا أن المملكة إحدى أكثر الدول معاناة من ظاهرة الإرهاب والتنظيمات المتطرفة، وأنها الدولة التي أنشأت التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب، وتشارك التحالف الدولي في هذا الشأن".
توقع النحاس رد فعل سلبي على مستوى العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة الأمريكية والدول التي تتطلع للتدخل في شئونها الداخلية عبر إقرار قانون جاستا، وعلى رأسها المملكة.
وأضاف: "حتما ستتراجع العلاقات السعودية الأمريكية إذا لم تحترم الولايات المتحدة هذا التاريخ الطويل، كما ستتأثر جبهتها الداخلية سياسيًّا واقتصاديًّا وأمنيًّا".
واستبعد النحاس تأثر الأموال السعودية في الخارج (تقدر بـ750 مليار دولار) فورًا بتداعيات إقرار المشروع المعروف إعلاميًّا بقانون جاستا؛ لأن القانون لا يستهدف المملكة نصًّا بشكل مباشر. مشيرًا إلى أن حدوث ذلك يتطلب صدور قرارات من المحاكم الأمريكية بشأن صلة المملكة المزعومة بهجمات 11 سبتمبر، و"هو ما لن يحدث على المدى القريب" حسب قوله.
لكن خبير الشؤون الاستراتيجية أشار إلى أن تهديد الأموال السعودية بالولايات المتحدة سيكون مصاحبًا لارتدادات ضارّة جدًّا بالاقتصاد الأمريكي، خاصة أنه سيدفع كثيرًا من الدول إلى سحب أرصدتها من البنوك الأمريكية.
وعن التناقض بين إعلان أمريكا مرارًا عدم وجود صلة بين المملكة وبين تدبير هجمات 11 سبتمبر، وبين إقرار الكونجرس لقانون من شأنه إتاحة مقاضاتها أمام المحاكم الأمريكية، قال النحاس، إنه يعود إلى مرجعية كلا الموقفين. موضحًا أن نفي الشبهة عن المملكة جاء وفق معلومات استخباراتية عالية الدقة، بينما يستند إقرار قانون جاستا إلى حق المواطن الأمريكي العادي في اتهام المملكة أمام المحاكم بالمسؤولية عن هجمات 11 سبتمبر بحجة مشاركة مواطنين سعوديين فيها.
وأضاف: "الخطورة هنا أن الجانب العاطفي الذي يعتمد عليه المواطن أمام القضاء الأمريكي يختلف تمامًا عن ما استند إليه التقرير الاستخباراتي".
كما شدد على ضرورة تدارك المملكة لأخطاء الماضي في ما يتعلق بقراءة المستقبل وتكوين تحالفات استراتيجية جديدة ومتنوعة، وهو ما يعني دول الخليج العربي بشكل عامّ، وليس المملكة فقط.
وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن إقرار قانون جاستا ناشئ عن اطمئنان الولايات المتحدة إلى موقعها كحليف استراتيجي وحيد للمملكة، وهو ما ينبغي تداركه مستقبلًا.
أكد خالد الفرم، الأستاذ الجامعي والباحث في الشؤون الاستراتيجية، أن الأداء السياسي والدبلوماسي والإعلامي السعودي لم يكن على المستوى المطلوب، لمنع إقرار الكونجرس لقانون جاستا الذي يتيح لذوي ضحايا 11 سبتمبر مقاضاة المملكة على خلفية دور مزعوم لها في دعم الإرهابيين المتورطين بالهجمات.
وفي تصريحات لصحيفة لـ"عاجل"،دعا الفرم إلى تبني المملكة لاستراتيجية عاجلة لمواجهة خطورة إقرار القانون، خاصة أن جزءًا كبيرًا من الاستثمارات السعودية بالداخل الأمريكي.
وأضاف أن أغلبية التصويت الكاسحة لصالح القانون تشير إلى التحول الحاد ضد المملكة، سواء بمجلسي الكونغرس (الشيوخ والنواب) أو بوسائل الإعلام الأمريكية وضعف حضور التأثير السعودي في كل منها.
وتابع: "لم يكن هناك تقدير لهذه النتيجة من الجهات المعنية بمتابعة هذا الملف في المملكة رغم تداعياته على صورتها في العالم وعلاقتها بالولايات المتحدة مستقبلًا".
وعن مصير الأرصدة السعودية بالبنوك الأمريكية بعد إقرار القانون، قال الفرم إنه يرتبط بخطط المملكة في مواجهة هذا القانون سياسيا ودبلوماسيا وإعلاميًّا واقتصاديًّا.
ودعا الفرم إلى استنفار عامّ لدبلوماسية وإعلام المملكة لمواجهة التداعيات والآثار المترتبة على إقرار القانون الأمريكي بما يحمي مصالح المملكة.
ووصف أستاذ العلوم السياسية حديث بعض المحللين عن عدم استهداف القانون للمملكة تحديدًا، وأن بإمكان الدول الأخرى محاكمة أمريكا على ضحاياها في العراق وغيرها من الدول، بأنه "كلام للاستهلاك العاطفي"، مؤكدًا أن عديدًا من "اللوبيات" المعادية للمملكة، لعبت دورًا كبيرًا في تصميم وتمرير هذا القانون.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها