يبدو أن جولة وفد الحوثيين بالعراق ولبنان وإيران لن تثمر اعترافا رسميا بـ"المجلس السياسي الأعلى" الذي شكلوه لإدارة شؤون البلاد مع حليفهم الرئيس المخلوع، خاصة أن ما يمكن تسميتها بدول المحور الإيراني ما زالت رسميا تعترف بحكومة الرئيس هادي.
قلل محللون يمنيون من أهمية وجدوى الجولة التي يقوم بها وفد جماعة الحوثي في عدد من الدول المؤيدة لهم، والتي بدأت أمس بالعاصمة العراقية بغداد، وستشمل كذلك العاصمتين اللبنانية بيروت ثم الإيرانية طهران.
ويعتقد محللون أن الحوثيين -الذين يشعرون بأن العزلة الدولية التي تحاصرهم منذ انقلابهم على السلطة الشرعية وتخنق تحركاتهم السياسية وتقضي على أحلامهم في الاعتراف بهم كسلطة أمر واقع- ينظرون بإحباط إلى حلفائهم الذين خذلوهم واكتفوا بالدعم الإعلامي دون الاعتراف السياسي.
وكان وفد الحوثيين المشارك في مشاورات الكويت التي فشلت نهاية يوليو/تموز الماضي في التوصل لاتفاق ينهي الصراع والانقلاب في اليمن، ظل مقيما في العاصمة العُمانية مسقط، ممنوعا من العودة إلى صنعاء لأكثر من شهر، بسبب منع التحالف العربي هبوط طائرتهم في العاصمة اليمنية صنعاء التي تتعرض مواقع الانقلابيين فيها لغارات جوية مستمرة.
لا اعتراف
ويبدو أن جولة وفد الحوثيين لن تثمر اعترافا رسميا بـ"المجلس السياسي الأعلى" الذي شكلوه مع حليفهم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، لإدارة شؤون البلاد، خاصة أن ما يمكن تسميتها بدول المحور الإيراني ما زالت رسميا تعترف بحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي.
وكان لافتا استقبال وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري للوفد الحوثي الذي رأسه يحيى بدر الدين الحوثي، شقيق زعيم الجماعة المقيم منذ سنوات في ألمانيا. وسبق للحكومة اليمنية أن سلمت الإنتربول الدولي في عام 2008 ملفا يتهمه بالإرهاب، وطالبت بملاحقته وتسليمه إليها.
وبحسب مصادر وأنباء تسربت لليمن، فإن لقاءات وفد الحوثيين اقتصرت على اتجاه طائفي واحد شمل قيادات في الحشد الشيعي ورجال دين ومسؤولين حكوميين، في حين اتضحت خيبة الأمل عبر ما نشره الناطق باسم الحوثيين محمد عبد السلام على صفحته الرسمية في فيسبوك، من أن وزير الخارجية العراقي أكد أن الأزمة اليمنية يجب أن تحل وفق الحوار السياسي اليمني اليمني.
واعتبر المحلل السياسي فيصل علي -في حديث للجزيرة نت- أن جولة الحوثيين إلى بغداد وبيروت وطهران تأتي في هذا التوقيت لعدة أمور، منها "البحث عن حقهم في الخمس، ولتأكيد الولاء للمرجعيات الشيعية، والبحث عن أضواء إعلامية، وكذلك البحث عن دعم ومقاتلين من الحشد الشيعي، وخبراء عسكريين من حزب الله، بعد أن خسروا الكثير من قادتهم وأفرادهم ومعداتهم في الحرب".
السامعي: تحركات الحوثيين نوع من المناورة السياسية (الجزيرة)
أمر طبيعي
من جانبه رأى الباحث السياسي توفيق السامعي أن "زيارة الحوثيين لدول مثل العراق وسوريا ولبنان وإيران، أمر طبيعي، لأنها دول محيطهم السياسي الذي يتحركون فيه لاعتبار أن مشروعهم الأيديولوجي الواحد، وهم بذلك يتحركون لطلب الدعم السياسي والاعتراف الدبلوماسي بمجلسهم السياسي الذي شكلوه حديثا، وكذلك طلب الدعم الاقتصادي للاستمرار في حربهم وانقلابهم على الشرعية كون البنك المركزي يمر بحالة إفلاس".
وأشار السامعي -في حديث للجزيرة نت- إلى أنه "رغم هذه التحركات الحوثية فإن أيا من الدول التي يتحالفون معها لم تعلن اعترافها بمجلسهم السياسي، وربما هناك ضغوط دولية عليهم بعدم المضي حتى النهاية في الخطوات الأحادية من قبلهم، كون الولايات المتحدة الأميركية رفضت هذه الخطوات الأحادية".
وقال السامعي إن "تحركات الحوثيين تبقى ضمن المناورات السياسية حتى تسفر المواقف الدولية عن خطة نهائية للحل السلمي في اليمن".
ياسين التميمي: هذه الدول لن تعطي الحوثيين إلا غطاء إعلاميا (الجزيرة)
فناء إيران
ووصف المحلل السياسي ياسين التميمي جولة الحوثيين إلى دول المحور الإيراني بأنها "نوع من استثمار الفراغ الذي يعيشه وفد المليشيا الانقلابية، لعدم تمكنه من العودة للعاصمة اليمنية نتيجة الحظر الذي يفرضه التحالف العربي على مطار صنعاء".
واعتبر التميمي -في حديث للجزيرة نت- أن "وفد الانقلابيين الحوثيين يتحرك في فضاء جيوسياسي موتور من بغداد إلى بيروت وحتى طهران، وهو -سواء في بغداد أو بيروت- يتحرك في الفناء الخلفي لإيران، أي أنه سيتكلم بالمضمون ذاته ويتلقى ردا متشابها من المنظومة السياسية الشيعية المهيمنة في البلدان الثلاثة".
وباعتقاد التميمي أن "سياسة الأمر الواقع للنظام الطائفي في العراق لا تستطيع أن تعطي الحوثيين أكثر من الغطاء الإعلامي، ولن تتجاوزه إلى الاعتراف بالمجلس السياسي للانقلابيين في صنعاء، وهذا الأمر ينطبق على بيروت وطهران كذلك".
المصدر : الجزيرة