مرت الذكرى الرابعة والثلاثين لتأسيس حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يرأسه المخلوع علي عبدالله صالح " في 24 أغسطس 1982" دون أن ينجح صالح في مسعاه لإظهار تماسك الحزب والتأكيد على أنه لا زال زعيما للتيار السياسي الأكثر جماهيرية وصاحب الأغلبية البرلمانية.
صالح الذي جعل من المؤتمر الشعبي مطية لتنفيذ مؤامراته ونسج تحالفاته المشبوهة، تتناقض ادعاءاته بكونه المؤسس والمالك والزعيم التاريخي للمؤتمر، مع ما يسوقه خصومه من أن المؤتمر شكل توليفة من اليساريين والقوميين واليمينيين والإخوان الذين اندمجوا آنذاك في إطاره وصاغوا ميثاقه الوطني كخيار متاح في بلد لم يكن يسمح بالتعددية السياسية العلنية حينها " اليمن الشمالي قبل الوحدة".
المؤتمر الشعبي العام شكل منذ تأسيسه حزب الدولة الحاكم، ورغم أن توحيد اليمنين في 1990 جعله يتقاسم السلطة مناصفة مع شريك آخر هو الحزب الاشتراكي الذي كان يحكم الجنوب، إلا أن المخلوع صالح الذي خرج منتصراً على شركائه الجنوبيين في حرب صيف 1994 استطاع مجدداً إزاحة الاشتراكيين ومن بعدهم حلفاءه في حزب الإصلاح " الإخوان المسلمين" الذين دخلوا معه في ائتلاف حكومي بين 1994 و1997 لينفرد حزبه مجددا بالسلطة والثروة.
لكن جاءت أحداث ما عرف بالربيع العربي في 2012 لتحدث زلزالاً كبيراً في حزب المؤتمر الذي فقد حينها نحو ثلث قياداته وقواعده الذين انخرطوا في الثورة الشبابية.
ثم جاء قرار المخلوع بالتحالف مع المتمردين الحوثيين انتقاماً من خصومه الذين أخرجوه من السلطة، ليحدث تصدعاً جديداً في بنية المؤتمر الشعبي ويرغم كثيرا من القيادات والقواعد على الابتعاد عن صالح بعد فشل الجهود التي بذلت لإثنائه عن ارتكاب حماقة التحالف مع ميليشيا متمردة حاربت الدولة وتستهدف إسقاط النظام الجمهوري.
وبعد اجتياح الحوثيين لصنعاء في 21 سبتمبر2014 ثم انقلابهم على السلطة الشرعية وإشعالهم حروباً في أكثر من محافظة، خرج فوج آخر من قيادات المؤتمر الشعبي من عباءة صالح معلنين تأييدهم للشرعية ولعاصفة الحزم، وكان أبرزهم نائب رئيس الحزب الدكتور أحمد عبيد بن دغر الذي عينه الرئيس عبدربه منصور هادي مؤخراً في منصب رئيس الوزراء.
ورغم أن المؤتمر الشعبي العام يمتلك 220 مقعداً من أصل 301 مقعد هي قوام البرلمان اليمني، إلا أن الاتفاق الأخير بين المخلوع وحلفائه الحوثيين على تشكيل مجلس انقلابي يسمى المجلس السياسي الأعلى، وعودة المجلس النيابي لمزاولة نشاطه بعد أن جمده الحوثيون حين انقلابهم مطلع 2015، جاء ليكشف حقيقة الانقسام الكبير الذي حدث في التنظيم السياسي الأكبر في البلد.
فالاجتماع غير الشرعي للبرلمان مطلع الشهر الجاري لم يحضره سوى أقل من 120 نائباً الأمر الذي لم يعن فقط فشل الانقلابيين في الحصول على نصاب قانوني للجلسة البرلمانية، وإنما أكد حقيقة أن المخلوع صالح لم يعد يتزعم أكثر من ثلث قيادات وقواعد الحزب الذي أسسه.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها