ذكرت مصادر دبلوماسية أن وفد جماعة الحوثي المسلحة إلى مباحثات السلام اليمنية في الكويت التقى مساء الأثنين، وكيل وزارة الخارجية الأمريكية، في خطوة كشفت عن ما أسماه مراقبون «العلاقة السرية بين الحوثيين والأمريكان» على عكس المعلن في شعار الحوثيين.
وأوضحت لـ«القدس العربي» ان لقاء وصف بالأهم بين المتمردين الحوثيين اليمنيين وبين أعلى مسؤول أمريكي، ضم كل من وكيل وزارة الخارجية الأمريكية توماس شانون بالاضافة إلى وكيل وزارة الخارجية البريطانية لشؤون الشرق الاوسط آلن دنكن في الكويت.
وأكد أن وفد المتمردين الحوثيين قدم اعتذارا صريحا للمسؤول الأمريكي الرفيع عن شعار الحوثيين (الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل). وأوضح الوفد أن هذا الشعار هو للاستهلاك المحلي يستخدمه الحوثيون كوسيلة لاستقطاب تعاطف الشارع معهم وخلق قضية بين أتباعهم للحفاظ على تماسكهم، بينما في الواقع ليس هناك أي عداء ولا يقصدون به العداء الحقيقي لبلاده. مشيرا إلى أن (الصداقة) و(التعاون) هي محور علاقتهم.
ويقلد المتمردون الحوثيون في اليمن بهذا الشعار المرجعيات الشيعية في إيران والتيار الشيعي في لبنان والعراق، في حين يرتبطون بعلاقة سرية وطيدة مع واشنطن وقد زارها العديد من القيادات الحوثية ويعتبر نشطاء الحركة من أكثر الزوار اليمنيين إلى الولايات المتحدة الأمريكية خلال السنوات الأخيرة.
والشعار الحوثي منقول من شعار الثورة الإيرانية عام 1979 التي تزعمها آية الله الخميني الذي يعتبر الأب الروحي لإيران القائمة على المذهب الشيعي، وتصدير هذا الشعار إلى خارج الحدود الجغرافية الإيرانية هو ما قصده الخميني عندما أعلن في الذكرى الأولى للثورة عن (تصدير الثورة)، في حين فهم الاعلان حين ذلك أنه تصدير للثورة المسلحة، ولكن مع مرور الوقت اكتشف العالم العربي أن المد الشيعي المسلح والجماعات المرتبطة بها تغلغلت في أغلب الدول العربية والافريقية وفي مقدمتها لبنان والعراق واليمن والبحرين والسعودية وغيرها.
وعلمت «القدس العربي» من مصدر يمني مسؤول أنه زار في أحد المرات نائبة السفير الأمريكي في مقر سكنها بصنعاء، واستغرب من وجود شعار الحوثيين (الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل) في صالون استقبال الضيوف في مقر سكنها، رغم حساسية الوضع في اليمن قبيل اجتياح الحوثيين للعاصمة صنعاء بأسابيع قليلة.
وأضاف أنه سألها عن أسباب وضعها لشعارهم في مقر سكنها رغم أنهم يعلنون عداوتهم للويات المتحدة، فأجابت عليه «هذه العداوة مزحة كبيرة» وابتسمت، وفهم المسؤو اليمني أن العلاقة السرية بين الحوثيين والأمريكان ليست كما هو معلن.
وكان الحوثيون بدؤوا برفع هذا الشعار (الموت لأمريكا) منذ البدايات الأولى لظهور تنظيمهم للعلن في العاصمة صنعاء تحت مسميات مختلفة، بد بتنظيم (شباب صنعاء) الذي كان يرفع أتباعه لافتات هذا الشعار في الجامع الكبير بصنعاء عقب كل صلاة جمعة، ثم تلاه تنظيم (الشباب المؤمن) حتى استقر التنظيم الحوثي في الأخير عند تسمية (أنصار الله)، ولكن ينسب التنظيم إعلاميا إلى مؤسسه حسين بدرالدين الحوثي وزعيمه الحالي عبدالملك الحوثي، لما طغت عملية ارتباط أتباعهم بعائلة قيادته على ارتباطهم بالبنى التنظيمية لجماعة الحوثي، ولذا برزت تسمية جماعة (الحوثي) على ما سواها في وسائل الإعلام المحلية والدولية.
ويطلق الحوثيون على شعارهم تسمية (الصرخة) ويستخدمون هذا الشعار في كل مناسباتهم ويصرخون به في المظاهرات والمسيرات والتجمعات المناسباتية وفي مقدمة ذلك عملياتهم القتالية.
وذكرت مصادر يمنية وثيقة الاطلاع ان لقاء الحوثيين بمسؤولين أمريكيين لم يكن الأول من نوعه، فقد سبق ان التقوا عدة مرات في العاصمة العمانية مسقط خلال السنتين الماضيين وكذا في عواصم أخرى، وأن مواقف قياداتها تجاه الأمريكان ليست كالمواقف الظاهرة في العن، فلقاءاتهم المتكررة بالمسؤولين الأمريكيين تكشف عكس ذلك تماما، لدرجة أن البعض يعتبرهم صنيعة (إيران) لخدمة أهداف (واشنطن) في خلق حالة من عدم الاستقرار السياسي في المنطقة.
وحسب مصادر مقربة من اللقاء الذي انعقد في الكويت بين الوفد الحوثي والأمريكي التزم حمزة الحوثي رئيس الوفد في اللقاء للمسؤول الأمريكي بانسحاب المسلحين الحوثيين من المدن اليمنية وتسليم السلاح، دون أن يحدد لمن سيتم تسليمه، ونسب اليه قوله «سنعتبر هذا العمل هدية صداقة مع أمريكا».
ووصفت أجواء اللقاء بين الوفدين الحوثي والأمريكي في الكويت بأنها كانت ودّية للغاية، وتعكس علاقة حميمية بعيدا عن حالة العداء التي يعلنها الحوثيون في شعارهم وخطاباتهم، وتكشف عن عملية التفاهم السارية بين الجانبين، الذي جعل خارجية أمريكا ترفض اعتبار الحوثيين جماعة إرهابية رغم ممارساتها الدموية في اليمن.
وذكرت العديد من المصادر أن الحوثيين استعانوا بواشنطن للضغط على التحالف العربي للحيلولة دون استعادة العاصمة صنعاء عسكريا وتصر واشنطن على ضرورة إجراء تسوية سياسية للوضع في اليمن عبر مشاورات السلام في الكويت، يشارك في مخرجاتها الحوثيون كشركاء في السلطة رغم رفضهم حتى اللحظة التخلي عن حمل السلاح والتحول إلى حزب سياسي.