تزايدت في الآونة الأخيرة دعوات توحيد الصف بين أنصار الرئيس اليمني وحلفائهم الحوثيين، على وقع خلافات شديدة أطلت برأسها مع دخول الحوثيين في مفاوضات خاصة مع المملكة العربية السعودية؛ وبدت جلية مع انطلاق مشاورات الكويت التي ظهر فيها وفد (صالح-الحوثي) منقسماً.
ولطالما يحاول الحوثي وصالح التأكيد في خطابتهما المتكررة على توحد انصارهما في مواجهة ما يسمونه "العدوان"، لكن سرعان ما تبدت عورات هذا الحلف خلال فعالياتهم المنفصلة في ذكرى مرور عام على عاصفة الحزم في آذار/مارس الفائت.
ومنذ دخول الحوثيين "صنعاء" في ايلول/ سبتمبر من العام 2014 م، لم يبدوا حلف "صنعاء" منقسما على نفسه كما هو عليه اليوم، فرائحة الخلافات ملأت الأفق السياسي ابتداء من العاصمة الكويتية وحتى العاصمة اليمنية صنعاء، التي تشهد حربا باردة داخل اروقة المؤسسات الحكومية ومحاولة الحوثيين ازاحة حلفائهم لتكتمل حوثنة الدولة اليمنية.
الحوثيون يسعون لطمس صالح..
وكشف شيخ قبلي "موال لصالح " في حديث خاص ل"يمن مونيتور" أن الحوثيين يكرسون خلال محاضراتهم وخطاباتهم وكتبهم السرية طمس تأثير حليفهم صالح على اتباعه، وقال الشيخ الذي "رفض ذكر اسمه " انه تمت دعوته وعدد من قيادات السلطة المحلية في محافظة الحديدة لحضور دورة تربوية في محافظة صعدة "معقل الحوثيين" تهدف الى تنسيب القيادات المجتمعية والسياسية الى الحركة الحوثية.
وأكد الشيخ أنهم تلقوا عددا من المحاضرات والكتيبات والانشطة الدينية خلال الدورة، واضاف انه تم التركيز على تشويه تاريخ صالح واتهموه بانه " رأس الفساد في البلاد وانه حليف الأمريكيين والصهاينة وقاتل اطفال ونساء صعدة و زعيمهم "حسين الحوثي " في اشارة الى الحروب الست التي خاضها الحوثيون ضد نظام صالح، وهو ما استفز عددا من الحاضرين الموالين لصالح واثار استيائهم ومغادرتهم لبعض المحاضرات.
تجاهل متعمد لتاريخ صالح..
لم تكن تلك المرة الأولى او الطريقة الوحيدة التي يهين فيها الحوثيون حليفهم صالح، فخلال فعالية شهدتها العاصمة صنعاء بمناسبة مقتل زعيم الجماعة "حسين الحوثي " وزع على الحاضرين كتيبات تضمنت ملابسات مقتل زعيم الجماعة واكدت على تورط صالح بمقتل الحوثي تنفيذا لتوجيهات " امريكية" حسب وصفهم.
وخلال احتفاءيه اقامها الحوثيون في ميدان السبعين بمناسبة ذكرى "الوحدة اليمنية " غابت قيادات الدولة حزب المؤتمر عن الواجهة بينما ظهر القائم بأعمال السفير الإيراني متقدما الصفوف الأولى.
وتجاهل رئيس "اللجنة الثورية التابعة للحوثيين" محمد الحوثي في خطابه دور الرئيس السابق "علي صالح" في الوحدة اليمنية في الثاني والعشرين من مايو "1990"، وقال أن الرئيس الراحل "إبراهيم الحمدي" والرئيس الجنوبي الأسبق "سالم ربيع علي" الملقب "سالمين" هم صناع الوحدة اليمنية بين الشطرين.
وعلق ناشطون وقيادات في حزب صالح على الخطاب بأنه إهانة بحق من يعتبرونه محقق الوحدة اليمنية؛ ويشير تجاهل الحوثيين إلى عمق الخلاف مع " صالح " خصوصاً في صفوف الحوثيين الأولى، التي عاشت مرحلة زعيم الجماعة السابق "حسين الحوثي" الذين يتهمون صالح بقتله.
اتهام لصالح بالتورط في الازمة الاقتصادية
ومع الانهيار الكبير الذي شهدته العملة اليمنية عادت الى المشهد مجددا اصابع الاتهام التي وجهت الى "صالح" بتورطه في الازمة، حيث اشار محمد الحوثي رئيس لجنة الحوثيين الثورية في حوار صحفي، الى تورط ما أسماها "أحزاب سلطوية تشاركهم الحكم" في اشارة الى حزب "المؤتمر التابع لصالح ".
وطالب "عابد المهذري" عضو وفد الحوثي الاعلامي في مشاورات الكويت الى بتر أصابع صالح التي اعتبرها السبب الرئيس وراء انهيار الريال اليمني واختفاء المشتقات النفطية .
ونقلت صحيفة الوطن السعودية عن مصادر في لجنة الحوثيين العليا عن سعي الجماعة لتقديم صالح لمحاكمة عسكرية لوجود أدلة تثبت تورطه في الأزمة الاقتصادية الأخيرة وانهيار الريال اليمني.
وقالت المصادر أن ما تسمى بـ"اللجنة الثورية العليا" عقدت اجتماعا عاصفا، برئاسة زعيمها، محمد علي الحوثي، اتهمت فيه صالح باختلاق أزمة طاحنة في المواد الاستهلاكية، لإحداث حالة من الغضب الشعبي على الجماعة الانقلابية، والتمهيد لحالة فوضى عارمة.
واقترح أعضاء اللجنة تقديم صالح إلى محكمة عسكرية، وهو ماوافق عليه رئيس اللجنة، محمد علي الحوثي، وتعهد بإنزال العقاب على صالح ملمحا إلى أن العقوبة المتوقعة تصل حد الإعدام بالرصاص بحسب مانقلت الصحيفة.
ردود افعال غاضبة .. ومهاترات اعلامية
وهاجمت صحيفة "اليمن اليوم" التابعة لصالح، جماعة الحوثي على خلفية تجاهل صالح في احتفالات الوحدة، متهمة الحوثيين بالتجاهل المتعمد لمن وصفته "قائد الوحدة اليمنية في ذكرها السنوية"، و "إهانة متعمدة بالغة للشعب اليمني وتاريخه".
وقالت الصحيفة " إنه ليس من اللائق الهروب الشائن من المتن إلى الهوامش، فالترجمة الآلية لذلك التصرف المشين إما أن تكون السلطة التي أعدت للاحتفال جاهلة بالتاريخ وصُناعة، أو أن من يدير الدولة واحتفالاتها صغار إلى درجة الصغائر وعدم القدرة على مغادرة قواقع الأحقاد".
وانتقد القيادي الحوثي محمد العماد في منشور له على حسابه في "فيسبوك " تجاهل صالح، وقال انه ليس من الحكمة ولا من السياسة أن تمنح الاوسمة والنياشين لرجال اليمن الذين كان لهم دور في الوحدة، بينما يتجاهل من رفعا علم الوحدة سويا.
وطالب "العماد" رئيس اللجنة الثورية العليا تقليد الرئيس السابق علي عبدالله صالح بوسام الوحدة، وأن تكون هذه الخطوة تقليدا يتوارثه الساسة مستقبلا، من أجل تجسيد مثل هذه القيم، والتي من شأنها أن تحد من عملية الإقصاء ومحاولة إلغاء تاريخ الآخرين حد قوله.
هل بات صالح الورقة الأضعف؟
وبعد كل هذا السيل من التهم والاهانات ظهر صالح بموقف الضعيف يدعو انصاره مجددا إلى وقف المهاترات مع الحوثيين، ومطالباً برص الصفوف ومتبرئا من انصاره الذين يهاجمون الحوثيين دفاعا عنه.
ونقلت صحيفة الميثاق الناطقة باسم الحزب عن "صالح" قوله: "ما يصدر من تهم وإساءات عن بعض المؤتمرين بحق زملائهم في المؤتمر أو بحق "انصار الله " لا تمثل المؤتمر، وانما تمثل وجهة نظر أصحابها".
ويرى الكاتب الصحفي سليم خالد أنه وبالنظر إلى ما يدور في المؤسسات التي سيطر عليها تحالف الحوثي وصالح، سنجد أن الحوثيين استطاعوا سحب البساط على صالح ورجال حزبه، بدءً من كشوفات التعيين والترقيات في الوظيفة العامة التي تقتصر على أبناء الأسر الهاشمية، إلى السيطرة الكاملة على اللجان العسكرية والثورية التي تحكم قبضتها في مناطق سيطرتهم.
ومن الناحية السياسية يؤكد "سليم" خلال حديث خاص ل "يمن مونيتور" " أن التفاهمات التي أجراها الحوثيون منفردين مع الجانب السعودي تؤكد أن صالح فقد الكثير من التأثير والقوّة أمام الحوثيين، وأقرأ دعوات صالح المتكررة لرص الصفوف ولتمسك الطرفين ببعضهما، كمؤشر لمخاوف صالح من تخلي الحوثيين عنه، في إطار تفاهماتهم مع السعودية ".
هل يتفكك حلف الأفاعي؟
يستشهد "سليم خالد " بأدبيات المشروع الحوثي التي لا تسمح بالشراكة مع أي طرف، فهي قائمة على الحق الإلهي لسلالة بعينها في الولاية والحكم، وبالتالي فالتحالف مع صالح لا يخرج عن إطار التكتيك وضرورة المعركة؛ بينما يعتقد صالح أنه يستخدم جماعة الحوثي، كقوة عسكرية وسياسية، أسهم هو في دعمها وتمويل انشطتها منذ التأسيس.
ويشير "سليم " الى ان تحالف الحوثي وصالح في مرحلة ضعف، ونستطيع القول إنه تحالف الضعيف والأضعف، بعد عام من الضربات العسكرية والحصار، وهذه المرحلة من الحرب ستمثل عامل تفكيك لكلا الطرفين (صالح/الحوثي).
ويضيف "سليم " انه وبمعزل عن الدور الإقليمي والأممي الذي يحاول الحفاظ على جماعة الحوثي كقوة سياسية وعسكرية، فلا أستبعد أن تشهد جبهة الحوثي وصالح انهيارات، على مستوى المواقع العسكرية والتأييد القبلي والشعبي، وبذلك تحسم المعركة لصالح الشرعية.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها