من يعقد مقارنة سريعة بين الأوضاع في مدينة عدن وبادية مارب ؛ سيرى نتائح من يسوس مصالح الناس بعقلة ومن يديرها بعواطفه ، سيرى الفرق واضحا جليا في واقع الناس ومعيشتهم ، كما سيرى كيف يتعامل كل من الفريقين مع حلفائه وأعدائه ؟
وسيرى ثمرة التحالفات القائمة على البرجماتية التي تضمن مصالح الجميع ، ونتيجة التحالفات القائمة على أمواج العواطف الهائجة القائمة على الوعود فقط . قامت بادية مارب بتوريد مواردها المالية إلى فرع البنك المركزي في المحافظة ، وقامت بتغطية نفقات المحافظة للبابين الأول الخاص بالأجور والمرتبات ، والثاني الخاص بالنفقات التشغيلية لمكاتب المحافظة ، وفقا لما هو مقررا في الموازنة الخاصة لعام 2015م المعدة من وزارة المالية قبل استيلاء الحوثيين على صنعاء ، وبهدا أوجد البدوي سلطان العرادة لنفسه المخرج القانوني ، وضمن تسيير أمور الناس ومصالحهم في بادية مارب ،
وتحت سقف وزارة المالية التي يسيطر عليها الحوثيون وحليفهم صالح وفقا لسلطة الأمر الواقع ، وكفى بادية مارب تسول صنعاء ، عملا بمقولة : ماﻻيدرك كله ﻻيترك جله ، ودرهم نقد خير من دينار نسيئة . في المقابل انحسرت خيارات محافظ عدن عيدروس الزبيدي في خيارين عقيمين أما فتح بنك مركزي جنوبي ، أو استمرار معاناة الناس في تسول الحقوق من الإعداء الذين نلعنهم صباح مساء ، فوقع الضحية المواطن - الذي أصبح قوت أولاده همه وغايته - فريسة لخيارين أحمقين لايعرف من اختارهما ابعادههما القانونية وﻻ مايترتب عليهما من تبعات إنسانية ،
فإنشاء بنك مركزي جنوبي خيار مستحيلا لأن هذا لايعطى إﻻ لدولة مستقلة معترفا بها دوليا لها عملتها الخاصة بها ، والخيار الاخر يثبت للمواطن -كلما جادت خزينة صنعاء براتبه أخر الشهر - أن الممانعة والمقاومة الجنوبية ماهي إﻻ مقاومة طرزانية جوفاء ، ﻻتمثل للحوثي وحليفه سوى عدو هش ، يستمد قوته من الخارج وليس من ذاته ، لأن الخارج إذا ما توصل إلى تفاهمات مع الحوثي سيطلق يده ، وسيخلي سبيله ،
ولن يحتاج الحوثي سوى إغلاق حنفية البنك المركزي التي تغذي فرع عدن ، وسيحكم الناس بأرزاقهم وقوت أوﻻدهم ، أو يتحول الجنوب إلى طوابير من المتسولين، وسيترك الحوثي للجنوبيين حينها أي شرعية يختارون ؟ وبالتألي ستميل الكفة لصالحه ، لأن شرعية الراتب ﻻيعلو عليها . خدمات الكهرباء والمياة والبريد والأمن في بادية مارب مستمرة وأن تأثرت فهي في حكم الطبيعي نتيجة للوضع العام الذي تمر به البلد ، وفي قرية عدن ﻻ كهرباء ، ﻻ ماء ، ﻻ خدمات بريدية ، ﻻ أمن ، فجميع المرافق الحكومية مكتوبا على أبوابها مغلق ، ليس للصلاة كما يفعل أصحاب المحلات الخاصة ولكن مغلق حتى يتم استعادة الدولة ،
وإذا انتقد المواطن هذه المخازي ، أو اشتكى مما حل بساحته من مأس وويلات فالحكم عليه جاهزا وماعليك إﻻ أن تختار له واحدة من ثلاث : أما وصفه حوثيا ، أوعفاشيا ، أو من الخلايا النائمة فأن لم يكن من النائمة فلاشك وﻻ ريب فهو من القائمة ، وإذا سأل عن سبب هذه الأوضاع المزرية ؛ فالإجابة جاهزة أيضا ، هذا بسبب اﻻصلاحيين ، والمؤتمريين ، فهم ﻻيزالون ممسكين بمقاليد الحكم ،
وإذا قال الناس : أين هؤﻻء الاصلاحيون المؤتمريون المتحكمون بمصالح الناس ؟؟؟ دلونا عليهم وسنكفي السلطة المحلية والأمنية في عدن عناء استئصال شافتهم ، فسنذهب للأحياء إلى بيوتهم ، والأموات إلى قبورهم يصمت الجميع لتعلم إنها حجج عاجز .
احتفظت بادية مارب بعلاقة ندية مع التحالف ، فالقرارات العسكرية والأمنية والخدمية تتم بالتنسيق والشراكة بين التحالف والسلطة المحلية ، وفي مدينة عدن يتخذ التحالف من السلطة المحلية والأمنية ممثلة بالمحافظ عيدروس الزبيدي ، ومدير الأمن شلال شائع ديكورا يلمعون به المشهد السياسي فقط ، يمارسان نفس الدور الذي كان يؤديه عبدربه مركوز هادي أيام عفاش تماما . ماقدمه التحالف لبادية مارب أضعاف مضاعفة لما قدمه لمدينة عدن ،
على مستوى المساعدات النقدية أو العينية ، ومع ذلك لم يفرط أهل مارب في مدح التحالف ، ولم تزين المدينة بأعلام التحالف وصور قادته كما نفعل نحن في عدن ، فأهل مارب يعتبرون ذلك حقا من حقوقهم، وثمنا لتحالفهم مع المملكة في حربها الأقليمية مع إيران ، لأن الأخوة في مارب يعلمون سبب الحرب الحقيقي وهو حماية حدود المملكة من التمدد الإيراني وعلى هذا الأساس يتعاملون مع التحالف ،
وليس كما يتوهم الجنوبيون أنها من أجل استعادة شرعية هادي ، أو من أجل العقيدة ، أو من أجل استعادة الدولة الجنوبية ، و في المقابل قامت الإمارات بطلاء مدارس عدن باللون السكريمي فقط ومع ذلك ترى عبارات المديح والتملق والتزلف واﻻستجداء حتى قال الجنوبيون : في رنج الإمارات ما لم يقله أسلافهم في عصير يماني وبسكويت أبو ولد الذي غمر أسواق الجنوب قبيل الوحدة اليمنية .
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها