رغم انتقاد المراقبين لصدور قرار منع القات بمحافظة عدن في هذا الوقت، ومعارضة قطاع واسع من فئة الشباب له بسبب الفراغ القاتل -كما يقولون- وعدم وجود بدائل كالأندية الرياضية والمتنزهات، فإن القرار لقي صدى واسعا وتأييدا غير متوقع من المجتمع.
قرار سليم في توقيت خاطئ، هكذا علق مراقبون ونشطاء على قرار السلطات المحلية بمحافظة عدن في جنوب اليمن بمنع دخول القات إلى المدينة، ووصفوه بأنه ارتجالي وغير مدروس ولن يؤتي الثمار المرجوة منه، متوقعين أن يفتح نوافذ سلبية.
وجاء منع دخول القات -وهو نبتة منشطة يتعاطاها معظم اليمنيين ويقضون ساعات في تعاطيها- بالمحافظة المذكورة تحت مبرر الدواعي الأمنية والمشاكل الاجتماعية، وتسبب أسواق القات في ازدحام حركة السير.
وتزرع عشرات الأنواع من القات في اليمن وتحديدا بالمناطق الشمالية، وتعتبره الحكومة من الأوعية الضريبية الرسمية، ويبلغ مقدار الضرائب المحصلة من مزارعيه وباعته لصالح خزينة الدولة سنويا مليارات الريالات.
وبينما حذر أطباء من مخاطر تعاطي القات، وإصابة نسبة كبيرة من متعاطيه بسرطان اللثة وضعف الخصوبة، بالإضافة لأضراره الاقتصادية على المجتمع والأسرة، رحبت أم أسامة سعيد بقرار المنع المذكور، وقالت إن كثيرا من الآباء سوف يلتفتون حاليا إلى أسرهم ويتابعون مشاكل أبنائهم، فالقات كان يلهيهم ويأخذ جل وقتهم على حساب مسؤولياتهم الأسرية.
البدائل
ورغم انتقاد مراقبين لصدور قرار منع القات بمحافظة عدن في هذا الوقت، ومعارضة قطاع واسع من فئة الشباب له بسبب الفراغ القاتل -كما يقلون- وعدم وجود بدائل كالأندية الرياضية والمتنزهات، فإن القرار لقي صدى واسعا وتأييدا غير متوقع من المجتمع.
ورأى الصحفي نبيل القعيطي أن القرار بصورته العامة إيجابي للغاية ويحد من كثير من الظواهر السلبية المجتمعية، التي تفشت وسط الشباب مؤخرا، ودعا إلى تزامن القرار مع جهود وبرامج أخرى تنفذها السلطات لها طابع توعوي وترفيهي لصالح الشباب.
اللحجي: ينبغي أن يكون منع تناول القات والمتاجرة به تدريجيا (الجزيرة)
من جهته قال عبد الرحمن اللحجي الخبير الاقتصادي وأستاذ إدارة الأعمال بجامعة عدن إن المزاج المجتمعي يميل بأغلبية كبيرة لصالح تطبيق القرار، لكن منع تناول القات والمتاجرة به ينبغي أن يكون تدريجيا.
وأضاف أن من مبررات التدرج احتمال استغلال تطبيقه في هذه الظروف لتأجيج الخلافات، وتفريغ قوة بشرية ومادية لتطبيق هذا القرار قد تدخل في صدام مع قوى حية في عدن وغيرها، وضرورة وجود بدائل أمام العدد الهائل من البشر الذين يعملون في زراعة وتجارة ونقل وخدمات إنتاج وتسويق القات الذي يشكل اقتصادا موازيا يصعب تجاوزه ويحتاج لمعالجة اقتصادية وليس أمنية فقط.
نوافذ للفساد
وقد سبق للحكومة في جنوب اليمن أن أصدرت في مطلع ثمانينيات القرن الماضي قبل الوحدة قانونا يجرم بيع وتعاطي القات في غير يومي الخميس والجمعة والأعياد الرسمية، وأقرت عقوبات للمخالفين تصل حد السجن ستة أشهر وغرامات مالية تعادل راتب موظف حكومي لمدة ثلاثة أشهر.
لكن بعد إعلان الوحدة بين شطري اليمن في مايو/أيار 1990 سمح بتعاطي القات في الجنوب على غرار المدن والمناطق الشمالية، وفتحت أسواق رسمية مركزية لبيعه في كافة المدن والمناطق برعاية رسمية.
القعيطي: منع القات بشكل عام إيجابي ويحد من ظواهر مجتمعية سلبية (الجزيرة)
والقرار الجديد يمنع دخول القات إلى عدن لكنه لم يمنع تعاطيه، الأمر الذي يفتح الباب واسعا أمام عمليات التهريب والفساد، ووجود سوق سوداء لبيع القات، وتبعا لمنطق العرض والطلب ارتفعت أسعاره بصورة خيالية فوصلت أكثر من 400%.
قرارات لم تطبق
وتبرأت جهات عديدة من إصدار القرار الذي ولد فجأة وطبق بصورة سريعة، وتساءل كثيرون عن الجهة التي أصدرت القرار، وكيف سعت لتطبيقه في وقت لم تطبق فيه عشرات القرارات التي تهم المجتمع.
محافظ عدن عيدروس الزبيدي نفى في تصريحات صحفية صلته ومعرفته بقرار منع القات، وقال إن ختم قوات الحزام الأمني الذي مهر به القرار قد سرق وتوعد بمحاسبة الفاعلين.
لكن القرار طبق ومنع إدخال القات بصورة قوية إلى عدن وبدت أسواق بيعه لليوم الثالث خالية، في حين كانت أشداق كثير من جنود نقاط التفتيش -المنوط بهم تطبيق القرار- منتفخة بالقات أثناء دوامهم.
المصدر : الجزيرة
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها