تتواصل المحادثات اليمنية في الكويت بين الحكومة الشرعية من جهة، وطرفي الانقلاب (مليشيا الحوثي وصالح) من جهة أخرى، برعاية دولية، ودعم خليجي، على أرضية قرار مجلس الأمن 2216، الذي تنص أبرز بنوده على تسليم المليشيا الانقلابية سلاحها إلى الدولة، وهو ما تؤكده مخرجات الحوار الوطني، التي تعد أهم مرجعيات الحوار اليمني اليمني، بالإضافة إلى المبادرة الخليجية.
ورغم أن الحوثيين وحليفهم الرئيس المخلوع صالح قد أظهروا قبولهم بالقرار الأممي، إلا أن مراقبين يشككون بالتزامهم بالقرار، ولا سيما ما يتعلق بالسلاح الذي حصلوا عليه من إيران، ومن مخازن الجيش اليمني بعد الانقلاب.
ومما يعزز شكوك المراقبين تصريحات المتحدث باسم المليشيا، محمد عبد السلام، وتبريرات وفد الانقلاب في محادثات الكويت حول السلاح، والتي تؤكد في مجملها رفضهم تسليم السلاح للحكومة الشرعية، وإنما سيقبلون بتسليمه لحكومة هم يشاركون فيها، وهو ما يعني التأجيل، ووجود رغبة في الالتفاف على قرارات مجلس الأمن، ومخرجات الحوار الوطني التي وقع عليها الحوثيون وصالح؛ قبل أن ينقبلوا بقوة السلاح ويستحوذوا على السلطة في سبتمبر/أيلول 2014.
إيران رأس الحربة
كما أن نقطة الارتكاز في الأزمة اليمنية هي إيران ومخططها في المنطقة العربية، والذي يعد فيه الوجود المليشياوي الموالي للفكر الخميني حجر الزاوية، فهل تقبل إيران أخيراً بنزع سلاح المليشيا الحوثية، والكف عن تزويدها بالسلاح بعدما عملت سنوات لزرعها في خاصرة الجزيرة العربية؟
المحلل السياسي، الدكتور فيصل الحذيفي، قال إن إيران لن تتخلى عن حلفائها ببساطة، خصوصاً في ظل ما وصفه بضعف السياسة الخليجية، وانعدام إستراتيجية الدفاع عن الأمن القومي الخليجي.
وأشار الحذيفي في حديثه لـ"الخليج أونلاين" إلى أن تزويد الحوثيين بالسلاح بصفة مستمرة هو رغبة إيرانية في إبقاء حلفائها بموقع المشاركة في صناعة القرار، شبيهاً لما هو حاصل في لبنان، وهو كذلك تمكينهم من القوة الدفاعية الكافية لفرض سلطة الأمر الواقع إذا فشلت الاتفاقات السلمية لبقائهم شركاء محوريين في الحكم.
المرونة غير مقبولة
لكن الحذيفي قلل من أهمية نزع سلاح المليشيا في حال استمرت إيران في تزويدها بالسلاح؛ لأن نزع السلاح مع وجود مصدر يزود الحوثيين به سيصبح مجرد عملية استبدال مخزون بآخر، وحذرت الحكومات الخليجية من إبداء أي مرونة مع حلفاء إيران في اليمن؛ لأنهم شوكة ستكبر مع الأيام، وسيصعب قلعها بعد ذلك.
وأكد الحذيفي - الذي يعمل أستاذاً للعلوم السياسية في جامعة الحديدة - أن الواجب الآن يتمثل في الدفع بقوة بتسليح الجيش الوطني في اليمن؛ ليقوم بمهمة الانتزاع الأبدي للجماعة إذا كان الخوف من فصائل المقاومة الشعبية قائماً لدى لدول الخليج.
وأضاف: "المنطقة مُقدمة على اختلالات أمنية وهزات عميقة لن تنجو منها دول الخليج إذا لم تحسن اتخاذ القرار دون تراخ، ولعل أفضل سبيل لتأمين دول الخليج هو الدفع باقتلاع الحوثيين، وإعادة بناء اليمن المستقر والمندمج في الإطار الخليجي، ليس انضماماً، وإنما الأخذ بيده إلى مرحلة الإنتاج والاكتفاء الذي يعضد الخليج نفسه، خصوصاً في الدفاع المشترك.
قبول مؤقت
بدوره أوضح الصحفي والكاتب اليمني، ياسين التميمي، أن إيران ليس من أولوياتها نزع سلاح ذراعها الطائفي في اليمن، مليشيا الحوثي، لكنها لا تمتلك خيارات كثيرة لحماية سلاح المليشيا بعد أن فقدت القدرة على استمرار تأثيرها في المشهد اليمني؛ نتيجة العزلة شبه التامة التي فرضت على إيران من جانب التحالف العربي.
وتوقع في حديثه للخليج أونلاين أن تقبل إيران في نهاية المطاف بحماية الوجود السياسي للمليشيا الموالية لها في اليمن، وهم الحوثيون، حتى لو اقتضى الأمر القبول بتسليم السلاح، لكن هذا لا يعتبر نهاية المطاف، فسوف تستمر إيران في تقوية شوكة تابعها الطائفي، خصوصاً إذا غابت الدولة الوطنية القادرة، وإذا لم تعتمد جملة من المعالجات التي تؤدي إلى تقوية نفوذ الدولة، وتحجيم نفوذ التيارات العصبوية والطائفية، وإذا لم يتم تحصين وعي المجتمع من الأفكار الهدامة التي أنتجتها مليشيا الحوثي خلال الفترة الماضية.
وتعد عملية نزع سلاح المليشيا على رأس أولويات الشعب اليمني الرافض للانقلاب، وهو ما يعكسه الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، الذين يرون أن أي حل سياسي لا يسبقه تسليم للسلاح هو عبارة عن تمهيد لجولة حرب جديدة، خصوصاً أن التضحيات الكبيرة التي قدمها اليمنيون منذ الانقلاب تعكس إصراراً شعبياً على اقتلاع الانقلاب ومسبباته.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها