بعد أن أخذت المباحثات اليمنية في الكويت منحى جديا، وظهرت بوادر خلافات مع الحوثيين، أطل المخلوع، علي عبد الله صالح، مؤخرا في لقاء تلفزيوني، ليصرف النظر عن المأزق الذي سيجد نفسه فيه لو نجحت المباحثات، وما سيتبع ذلك من فتح الملفات القديمة، وأبرزها جريمة ضلوعه في اغتيال الرئيس اليمني الأسبق، إبراهيم الحمدي، ليستمر كعادته في توجيه التهم ومواصلة الادعاءات والأكاذيب التي ظلت صفة ملازمة له، على مدى أكثر من ثلاثة عقود، حيث ألقى اللوم على السعودية، وهو ما نفته أسرة الحمدي والقادة الذين كانوا شهود عيان على الأحداث.
لعل جريمة اغتيال الرئيس الحمدي كانت أحد مخططات المخلوع، التي رافقها غموض كبير وصمت أكبر في عهد علي صالح، ولم تعلن أي نتائج حتى اللحظة عن تلك العملية، التي كان على رأس منفذيها وأبرز الحضور في محيطها، واستطاع مؤخرا أن يؤكد على دوره الكبير في العملية، من خلال اعترافاته بوجود وثائق لم يكشفها، بينما تلك الوثائق الفعلية التي صمت عنها طيلة عقود ليست بيده، بل بيد شهود العيان الذين عاصروا الكثير من الانتهاكات التي اقترفها بحق الشعب وكل معارض لسياساته، وقضية الحمدي واحدة من بين قضايا متعددة، شملت تصفية أعداد كبيرة من الضباط والمسؤولين خلال مسيرة حكم المخلوع لليمن.
وقد أتت رسائل التكذيب للمخلوع والاتهام المباشر له، باغتيال الرئيس الحمدي، بعد ظهوره الأخير من عدد من أسرة الرئيس الأسبق، وضباط وشخصيات عايشت المرحلة. ومع أن صالح أعاد فرض الحراسة على منازل أسرة الحمدي وأقاربه بعد تصريحه التلفزيوني، خشية أن يتحدثوا عن حقيقة الاغتيال، فقد أدلى عدد من أفراد أسرته القريبين بشهادات عن الجريمة، وتحتفظ "الوطن" بأسمائهم، حرصا على سلامتهم، ومخاوفهم من تعرضهم للاغتيال، في حال عودتهم إلى صنعاء من قبل وحدات المخلوع.
تساؤلات مشروعة
يقول أحد أشقاء الرئيس الحمدي "أخي إبراهيم ذهب لتناول الغداء في منزل أحمد الغشمي، ولم يخرج منه، علي صالح كان حاكما لمدة 33 سنة، فلماذا لم يتكلم طيلة هذا الوقت؟ ولماذا لم ينشر التحقيقات؟ شقيقي ذهب إلى بيت الغشمي ولم يعد لنا، وهذا الكلام الذي تسمعه مني تسمعه من الأسرة كاملة، لماذا لم ينشر التحقيقات؟ هو يقول إن المملكة اغتالت الحمدي، ويمتلك أدلة على ذلك، وهنا يأتي دور المملكة كي ترد عليه، وكما تقول القاعدة الشرعية "البينة على المدعي".
وأضاف "كما يقولون إذا تكلم السفيه فلا تجبه، وإذا أردتم نصيحتي فإني أنصحكم بالسكوت على هذه الأكاذيب، لأنكم عندما تردون عليه سوف ترفعون من قدره، وكذلك إذا رددنا عليه نحن، لذلك نتركه يتحدث بما يريده، والثابت أن ما حدث في بيت الغشمي كان انقلابا دمويا استهدف الشهيد إبراهيم ومعه أخي عبدالله، الذي استشهد قبل إبراهيم بحوالي ربع ساعة، وعبدالله كان قائد قوات العمالقة. وأختم حديثي بالتذكير بالمثل اليمني الذي يقول "إذا غريمك القاضي من تشارع"، وعلي صالح كان يحكم اليمن لفترة 33 سنة، ولا أعتقد أنه كان سوف يسمح لنا بالبحث عن الحقيقة وإعلانها، فمنازلنا كانت مراقبة على مدار سنين".
رواية ابن الشهيد
يضيف أحد أبناء الرئيس الحمدي "ما قاله أعمامي وأقاربي يكفي عن كل ما يمكن أن أقوله، ونحن نؤيد ما قالوه، ونريد أن نعرف من علي صالح ما هو الجديد الذي ظهر وتركه يقول هذه الحديث بعد كل هذه السنوات، وما هي الإثباتات التي عنده قبل أن نتكلم في الموضوع، ونريد أن نسأله من أين أتى بهذه المعلومات؟ ولماذا تكلم بها الآن، بعد هذه السنين الطويلة كلها".
مسلسل المؤامرات
يشير وليد الحمدي، رئيس اللجنة التنسيقية العليا للمستقلين، وعضو مؤتمر الرياض لإنقاذ اليمن، وأحد أفراد أسرة الحمدي "صالح أفسد الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وأدخل اليمن في نفق مظلم، وهو سبب كل معاناة الشعب اليمني، لأنه بنى حكمه علي المكر والخديعة والقتل والاغتيالات وخلق الصراعات وافتعال المشاكل والحروب، وقال "المخلوع تآمر مع الغشمي لقتل إبراهيم الحمدي، وهو قام بتنفيذ عملية القتل هو ومحمد الحاوري، بعد أن كاد الغشمي يتراجع عن قتل الحمدي، والاتفاق كان على أن يقتل الحمدي، ليكون الغشمي هو الرئيس وصالح نائبه، وبعد أن نكث الغشمي بالوعد بتعيينه نائبه، قام علي عبدالله صالح بالتآمر مع رئيس جهاز الأمن السياسي في ذالك الوقت، محمد خميس علي قتل الرئيس الغشمي، علي أن يكون علي عبدالله صالح رئيسا، ومحمد خميس نائبا له، وكان مقتل الغشمي بالتعاون مع الرئيس الجنوبي في ذلك الوقت، سالمين، وبعد أن وصل صالح إلى كرسي الرئاسة نكث بوعده مع محمد خميس وقام باغتياله. كونه يمثل الصندوق الأسود، وخشية أن يكرر خميس ما فعله الاثنان بالغشمي".
الخوف من الوحدة
أضاف وليد الحمدي "الدوافع السياسية لاغتيال الحمدي هي خوف الغشمي وصالح من الوحدة اليمنية التي كادت تتحقق في نفس الأسبوع، خشية أن يصبح سالمين نائبا للرئيس، وتضيع الفرصة على الغشمي وصالح الذي كان يطمح للحكم. كذلك كان المخلوع يخشى أن يقدمه الحمدي للمحاكمة العسكرية، بعد أن اكتشف خداعه له في قضية محافظ محافظة تعز، وقائد اللواء في المحافظة، درهم أبو لحوم، وصدق الرئيس الحمدي وأخوه عبدالله الأكذوبة التي صعدت بصالح إلى قائد لواء تعز عام 1976، مع أنه كان في ذلك الحين برتبة ملازم، إلا أنه تمت ترقيته إلى رتبة رائد، وتم تعيينه من قبل الرئيس الحمدي قائدا للواء تعز، وكان هذا التعيين بداية لتقرب صالح من الرئيس الحمدي. وبداية التآمر لقتله. أما قضية اتهام المخلوع صالح للسعودية بمقتل الرئيس الحمدي فهي عارية عن الصحة، وهي فقط من باب الاستهلاك العاطفي للشعب اليمني، الذي يعرف جيداً أن الرئيس الحمدي رحمة الله، كان يمتلك قلوب ومحبة كافة أبناء شعبه".
علاقة متميزة
تابع وليد الحمدي بالقول "مثل ما اتهم السعودية من قبل بأنها راعية للإرهاب وداعش اتهمها بمقتل الحمدي، ومثل محاولته إيجاد تباين واختلافات في المواقف والمصالح الدولية.
واتهام المملكة برفض التسليح الروسي لليمن. وحسب ما نعلم ويعلم الجميع، وهو ما أكده عمي فإن علاقة الرئيس الراحل إبراهيم الحمدي كانت ممتازة مع قيادات المملكة، منذ مؤتمر الطائف في آخر حكم الرئيس عبدالرحمن الإرياني، أي قبل تسلمه مقاليد الحكم، وحتى آخر أيام حكمه عليه رحمة الله. حيث سافر للرياض والتقى بالملك خالد رحمه الله، وحضر جلسة مجلس الوزراء السعودي، وكانت العلاقة حميمة جداً، لكن هي عادة النخب السياسية الفاسدة في اليمن أن تلقي بأخطائها وحتى فشلها في الحكم علي الغير".
محاصرة الأسرة
يشير طه الحمدي، أحد أفراد الأسرة إلى أنه في العام 1977، تعرض الحمدي للاغتيال في منزل أحمد الغشمي، بحضور علي عبدالله صالح وبمشاركة عدد من المشايخ، ويقول "تم بعدها إقصاء كافة أفراد أسرته من أي مناصب حكومية، وسلب منهم النفوذ، من أجل السيطرة على السلطة، وإخفاء كافة تفاصيل القضية، علي صالح يحاول استغلال الأحداث الحالية، لإثارة القضية من جديد، لإبعاد التهمة عنه وتحقيق أغراض سياسية دنيئة، ولكن كيف نستطيع محاكمته والأمور كلها تحت يده، ولدينا حاليا مؤسسة اجتماعية باسم حمدي للتنمية الإنسانية، والأوضاع الحالية لا تسمح لنا بمحاكمته".
رأس الأفعى
قالت توكل كرمان الحائزة على جائزة نوبل والناشطة السياسية اليمنية "تحدث المخلوع أخيراً عن جريمة قتل الشهيد إبراهيم الحمدي، ولو لم يكن هو منفذها الرئيسي لشهدنا الجناة في السجون والمحاكم، ويعلم اليمنيون جيدا أن المخلوع هو من نفذ وقتل الحمدي، وخطط لذلك مع سبق الإصرار والترصد، وإليه تتجه أصابع اتهام اليمنيين منذ اليوم التالي لعملية الاغتيال، ولا تزال أصابع الاتهام تشير إليه، وطالما قلنا إن المخلوع علي صالح هو رأس الأفعى وجذر الموبقات في اليمن، وهو مصدر الشرور فيها، وليست ميليشيا الحوثي أو القاعدة في اليمن إلا بعض أدواته التي قوض ويقوض بها اليمن، ولديه المزيد في جعبته الشيطانية، ولن ينعم اليمن بالاستقرار، طالما ظل رأس الأفعى طليقا يتمتع بالحصانة، ويزاول السياسة ويتصرف بعشرات المليارات من الدولارات التي استولى عليها خلال فترة حكمه البائسة، فإن ذلك كفيل بتدمير حاضر ومستقبل اليمن، ولا حل دون محاكمته وعزله سياسيا، واسترداد الأموال التي استولى عليها".
شاهد عيان
محمد القرافي، وهو شاهد عيان فيقول "كنت أحد جنود اللواء السابع مدرع، الذي كان قائده علي قناف زهرة، وهو قائد بطل كان أحد ضحايا تلك المؤامرة، والمخلوع علي صالح وأحمد الغشمي قتلا الرئيس إبراهيم الحمدي في منزل الأخير، الذي نفذ جريمة القتل هو علي صالح، وقتلا معه شقيقه عبدالله، الذي كان يتولى منصب قائد لواء العمالقة، وكنت حينها ضابط صف بنفس اللواء الذي كان يقوده علي قناف، الذي قتل قبل اغتيال الرئيس الحمدي بيوم واحد، وجميع الضباط والناس يعرفون هذه الحقائق ومعروفة لدى اليمنيين".
دفن الضباط أحياء
يشير قائد المقاومة في محافظة ريمة والقيادي في المقاومة الشعبية بإقليم تهامة، سعد الجرادي إلى أن الشعب اليمني بأكمله يعرف هوية القاتل، ويقول "تم تحديد القاتل من فترة زمنية بعيدة، واليمنيون يعرفون ذلك جيدا، وعلي صالح هو القاتل الفعلي للرئيس إبراهيم الحمدي خلال وجوده في منزل الغشمي، وهو القاتل لجميع السياسيين، والمخلوع الذي قتل عبدالله الحمدي بمسدسه الشخصي، قام بعد ذلك بدفن أكثر من 300 ضابط وهم أحياء، والجميع يعرف ذلك جيدا، واتهامه للسعودية مؤخرا دليل آخر على تورطه، ويؤكد أنه المجرم". وتساءل الجرادي "هل أتت السعودية بعناصر كوماندوز وقتلت الحمدي في المنزل؟ فالجريمة تمت باليمن وفي منزل الغشمي، وبحضور المخلوع علي صالح، وهي جزء من قضية الاغتيالات التي يمارسها منذ أكثر من 40 سنة، وسوف أكشف الكثير حول ذلك قريبا.
إدمان الإجرام
يؤكد رئيس التوجيه المعنوي، الخبير والمحلل السياسي اللواء محسن خصروف مسؤولية المخلوع عن جريمة الاغتيال، ويقول "علي صالح يريد أن يغطي على عين الشمس بالغربال، وينطبق عليه المثل "كاد المريب أن يقول خذوني"، فهو أدلى بتفاصيل لا أحد يعرفها إلا هو، وجميع اليمنيين وأقارب الحمدي وأبناؤه يعرفون أنه من باشر قتل الشهيد الحمدي، وأي حديث في الوقت الحالي لا يفيد، واتهاماته الأخيرة هي جزء من أكاذيبه المتعددة، وبعيدا عن أنني أحد المتضررين من علي صالح، فالوطن بأكمله كان أكبر متضرر من أفعاله، وإذا كان المخلوع قد عزل الكثير من الضباط، فقد قام بتصفية كثيرين بعمليات اغتيال، كما اعتقل البعض، ومنهم أسرة الدكتور عبدالسلام الدويني، وهو شخصية مهمة اعتقله وإخوته، ومنهم مهندس وطبيبان، وقتلهم دفعة واحدة، ووضعهم في سيارة تركها تهوي من إحدى القمم، لتصوير الجريمة كأنها حادثة سير، والمخلوع لديه ماض حافل في الاغتيالات، وطمس معالم جرائمه البشعة.
إصرار وترصد
يروي محمد الحمدي، أخ الشهيد قصة الاغتيال قائلا "الجريمة حدثت يوم الثلاثاء، جاءني صديق يعمل معي، وقال لي إن معه ضابطين من قبيلة حاشد يريدان مقابلتي، خائفين أن يراهما أحد، دخلوا وجلسنا، قلت ماذا عندكم؟ فقالوا نريد نقول لك اليوم ثلاثة أمور، وطلبوا مني أن لا يذهب الشهيد للغداء في بيت الغشمي، وألا ينام في بيته، ولا يركب الطائرة غدا، حيث كان مقررا ذهابه لتوقيع الوحدة. قمت مباشرة واتصلت ببيت إبراهيم، ردت علي أم محمد، سألتها عن إبراهيم قالت ذهب للغداء في بيت الغشمي، فقلت لها قد قتلوه، وعندما أخبرت الضباط قالوا رجاء لا تكشف أسماءنا حتى لا يقتلونا، حينها ذهبت لأصدقاء إبراهيم وسألتهم عنه، فأكدوا ذهابه إلى بيت الغشمي. بعد ذلك ذهبت لأصدقاء أخي عبدالله، فقالوا إنه ذهب بدوره لبيت الغشمي".
تابع الحمدي بالقول "مرافقو إبراهيم وعبدالله أدخلوهم في الديوان، وقدموا لهم القات وعند الرابعة عصرا قالوا لهم اذهبوا لأن إبراهيم وعبدالله خرجا من الباب الآخر. عندما ذهبت وسألت عناصر حراسة إبراهيم وعبدالله قالوا تغدينا وأدخلونا موقعا لتعاطي القات، وكنا نشاهد الحادي والآنسي يضربون الزنك من أجل عدم سماع الطلقات، سألتهم عما إذا كانوا قد شاهدوا شيئا، فقالوا شاهدنا علي صالح يدخل ويخرج عدة مرات. وبعد قتلهما نقلوهما إلى بيت آخر في الصامتة. وعندما كنت في القاهرة كان يحضر لي البعض من السفارة وحكوا بأن أحمد الفرج روى الحكاية قائلا "عندما وصل إبراهيم إلى منزل الغشمي عرف بالمخطط، وتغير لون وجهه، وحاول إغراء الغشمي وإقناعه بعدم قتله، وقال له إنه ليس متمسكا بالحكم، وسيغادر البلاد عبر أقرب طائرة، في ذلك الوقت كانوا قد قتلوا عبدالله، وافق الغشمي على طلب الرئيس، لكن علي صالح قال له "إذا تركناه يخرج فسوف يسبب لنا مشكلات ويقلب علينا الدنيا"، وبدأ في إطلاق الرصاص على إبراهيم، وهذه الرواية أكدها لي أيضا يحيى متوكل عندما حضر إلى القاهرة".
وأشار الحمدي إلى أن علي صالح كان قد سافر قبل الجريمة بوقت قصير إلى جيبوتي والتقى بعض عناصر الموساد، واتفق معهم على ارتكابها.
شهادات موثوقة
شقيق الشهيد: سفاهة المخلوع صالح تمنعنا من الرد عليه
ابن الشهيد: لماذا سكت كل تلك الفترة وتحدث الآن؟
وليد الحمدي: صالح نفذ العملية بيده بمعاونة الحاوري
طه الحمدي: المخلوع قتل الحمدي بمشاركة بعض مشايخ القبائل
كرمان: القاعدة والحوثيون من أدواته لتقويض الدولة
خصروف: اليمنيون يدركون مسؤوليته عن مقتل الرئيس الأسبق
الجرادي: صالح قتل الحمدي ودفن 300 ضابط وهم أحياء
القرافي: صالح قتل الحمدي وشقيقه عبدالله بمسدسه الشخصي
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها