اعتبر متتبعون للشأن اليمني بأن قرار الرئيس عبدربه منصور هادي إسناد منصب نائبه للجنرال علي محسن الأحمر، إلى جانب منصبه السابق كـ"نائب لقائد الجيش الوطني"، يحمل تصعيدا جديدا لاختراق منظومة تحالفات المخلوع علي عبدالله صالح القبلية والعسكرية، وتقليص حضوره المؤثر، نظرا لخبرته ونفوذه القوي في أوساط النخب الموالية لصالح.
وتشير معلومات متداولة بأن الأحمر، وعبر اتصالات شخصية أجراها مع الكثير من العسكريين والوجاهات القبلية المحيطة بالمخلوع، تمكن من إقناعهم بالتخلي عن الأخير، سواء بالالتحاق بمعسكر الشرعية، أو التزام الحياد، ووقف تقديم الدعم وإسناد المتمردين بالمقاتلين الجدد.
الأحمر عنصر توازن مهم
ويرى الكاتب والمحلل السياسي، ياسين التميمي، أن علي محسن سيتصرف من موقعه بحكمة، وسيعمل على إعادة ترميم الجبهة الداخلية التي تعرضت لعملية هدم ممنهجة من قبل حلف الانقلاب، نتج عنها تكتل عصبي جهوي وطائفي. مؤكدا أن الفريق الأحمر سينجح في تفكيك البنى التي يقوم عليها هذا التكتل.
وأوضح في حديث خاص لـ"عربي21" أن هذه المهمة لا تنفصل عن خط التوجه العام نحو إعادة ترميم الجبهة الوطنية العريضة، وصولا إلى الدولة الاتحادية التي تشكل الحد الأدنى من طموح اليمنيين بـ"يمن موحد مستقر ومزدهر".
وقال السياسي التميمي إن "الأحمر" لا يشكل نقيضا لأي طرف في معادلة الصراع التي أسستها إيران في اليمن بتواطؤ من الغرب، بل يشكل بنفوذه وحضوره "عنصر توازن مهم" يعززه وجوده في هرم السلطة.
ولفت إلى أن تعيين الجنرال علي محسن، نائبا لهادي، من شأنه بعث رسائل إيجابية للمتوترين في الجهة الأخرى من جبهة الصراع الذين يساورهم القلق بأنهم بانتظار جولة سيئة من الاقصاءات كتلك التي دشنها الحوثيون بإسناد من المخلوع صالح في أوائل عام 2014 من منطقة دماج ليصلوا بالبلد إلى أسوأ حرب أهلية تشهدها اليمن.
ارتباط وثيق وعامل حسم
من جهته، قال رئيس تحرير موقع "الموقع" الإخباري، عامر الدميني، أن الجنرال الأحمر له ارتباط وثيق بالقبائل والشخصيات الاجتماعية والعسكرية في شمال الشمال وما حول العاصمة صنعاء، منذ أن كان أحد دعائم الحكم في نظام المخلوع صالح.
وتابع قوله، إن قوة تلك العلاقات تنبع من ارتباطه ووجوده في مؤسسات الدولة، ومتى ما كان بعيدا فإن الأمر قد يبدو مختلفا.
وأوضح الدميني أن بقاء علي محسن الأحمر في موقع قيادي رفيع داخل الدولة مهم جدا حتى يستطيع استغلال تلك العلاقات لصالح الدولة، وتثبيت وجودها على الأرض بعد الانقلاب الذي قام به المخلوع صالح ومليشيا الحوثي. لافتا إلى أن عاملا مهما سيساند الرجل في هذه المهمة وهو "انتماؤه الجغرافي لذات الجغرافيا التي تتواجد فيها قوة صالح القبلية والعسكرية، وهذا سيمكنه من اختراق تلك المنظومة وخلخلتها ودفعها باتجاه الشرعية".
وأشار رئيس تحرير "الموقع" الإخباري إلى أن الفريق الأحمر يحتاج إلى منحه الصلاحيات الكاملة وإعطائه الثقة للتحرك والعمل، لكن عبر منظومة متكاملة يشارك فيها التحالف العربي ونظام الشرعية في اليمن ممثلا بالرئاسة والحكومة والجيش والأحزاب المنضوية في إطار الشرعية.
نفوذ وقدرة محدودة
وفي شأن متصل، قال الصحفي والباحث السياسي، رياض الأحمدي، أن لعلي محسن نفوذ قبلي وعلاقات واسعة مع وجاهات محسوبة على صالح.
وأضاف في تصريح خاص لـ"عربي21" أن هذا الأمر ليس معناه، أن الرجل قادر على تحويل وجهة الولاءات وفقا لانسجامها مع تطورات الواقع.
وأوضح الأحمدي أن الحرب والفرز السياسي منذ عام 2011، قد أوجدا فرزا وثارات ليست هينة، "إلا أنه يمكن تجاوزها في حال التفاهم، ولكن الأمر قد يكون أصعب في حالة الحرب".
ولعب "الجنرال العجوز"، كما يصفه الإعلام، دورا مؤثرا خلال الأشهر الأخيرة في استمالة وتحييد العديد من مراكز القوى القبلية والعسكرية التي أسهمت بدور فاعل في دعم مخطط صالح للانقلاب على الشرعية، وهو الأمر الذي دفع بالرئاسة اليمنية والتحالف العربي الذي تقوده السعودية إلى توسيع مساحة حضوره في السلطة، وفقا لتقارير صحفية.