على وقع متغيرات ميدانية سياسية ستلتقي الحكومة الشرعية في اليمن مع ممثلي الانقلابيين على طاولة المحادثات من جديد، وبعد جولات من المحادثات غير المعلنة أجراها ممثلون عن الدول الراعية للتسوية في اليمن والتحالف مع ممثلي التمرد في مسقط وعمّان.
بحسب مصادر يمنية مطلعة، تركز النقاش خلال الجولات غير المعلنة من المحادثات على مخاطر استمرار القتال على الأمن في المنطقة وتأثير الحرب على المدنيين في اليمن ومؤشرات الانهيار الاقتصادي الشامل، كما تم استعراض العمليات العسكرية لقوات الجيش الوطني والمقاومة والتي وصلت إلى مشارف صنعاء.
تنامي التطرف
أدرك الانقلابيون وخلال تلك اللقاءات ووفق ما ذكرته مصادر دبلوماسية رفيعة، تصميم المجتمع الدولي على تنفيذ قرار مجلس الأمن واستئناف مسار العملية السياسية وخشيته أيضا من أن استمرار القتال وفق الصبغة المذهبية والجهوية التي تحملها قوى الانقلاب سيؤدي الى تنامي الجماعات المتطرفة وتمزيق النسيج الاجتماعي في اليمن، ويصعب بعد ذلك معالجة هذه الجروح التي من شأنها أن تقود البلاد الى صراعات داخلية طويلة لا يمكن معها قيام دولة وطنية.
وطبقا لتلك المصادر تم إبلاغ الانقلابيين بإصرار دول التحالف على إسقاط الانقلاب وعودة الشرعية، وإن قوات الجيش الوطني التي تتمركز على مسافة قريبة من صنعاء يمكنها ان تقتحم المدينة وتضع حدا للتمرد والانقلاب، لكنها تدرك المخاطر الكبيرة التي سيتعرض لها المدنيون.
تهدئة مستمرة
تلك اللقاءات أفضت إلى تهدئة مستمرة على الشريط الحدودي مع المملكة العربية السعودية وأعقبها ذهاب وفد رفيع الى جنوب المملكة للقاء بممثلين في الحكومة السعودية وتم خلال تلك اللقاءات تثبيت التهدئة وتبادل الأسرى ورفات القتلى، على أن تؤدي هذه التفاهمات إلى اتفاق شامل لوقف إطلاق النار سيتم إبرامه بين الحكومة الشرعية والانقلابيين، وهو ما تم خلال اللقاءات التي عقدها المبعوث الدولي الخاص باليمن اسماعيل ولد الشيخ.
آلية التنفيذ
وفي انتظار دخول قرار وقف الأعمال القتالية حيّز التنفيذ في العاشر من الشهر المقبل تعكف الحكومة الشرعية على إنجاز آلية واضحة لكيفية تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي سيتم عرضها خلال جولة المحادثات المقبلة المقررة في دولة الكويت في 18 من الشهر المقبل، وهي رؤية سيتم من خلالها اقتراح آلية تنفيذ قرار مجلس الأمن بشأن الانسحاب من المدن وتسليم الأسلحة.
ووفق مسؤول رفيع في الحكومة اليمنية فإن فريق المفاوضين الحكوميين سيقترح خلال المحادثات تشكيل لجنة عسكرية تتولى مع السلطات المحلية في المحافظات الخاضعة لسيطرة الانقلابيين استلام المدن وتغطية الفراغ الأمني كخطوة أولى بالتزامن مع انسحاب الميليشيات ومن ثم الشروع في تسليم الأسلحة التي نهبت من مخازن الجيش، على أن يتم عقب ذلك استئناف المسار السياسي من حيث توقف بفعل الانقلاب.
موقف ضبابي
الانقلابيون سيذهبون الى الكويت بموقف ضبابي يعترف بقرار مجلس الأمن الدولي لكنهم يَرَوْن أن تطبيقه لن يكون إلا من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية يمثلون بنصف مقاعدها، وأن تتولى هذه الحكومة استلام المحافظات ونزع الأسلحة من كل الجماعات بما فيها أفراد المقاومة الشعبية.
ولديهم نوايا واضحة للتهرب من النص الخاص بتسليم الأسلحة من خلال الحديث عن تدمير جزء كبير من تلك الأسلحة في المواجهات أو في غارات مقاتلات التحالف، كما سيطالبون بإدماج الآلاف ممن جندوهم أو من القوات التي تمردت على الشرعية ضمن قوام الجيش والأمن، وأن يتولى هؤلاء مهمة استلام المدن وتأمينها.
ومع ذلك فإن الحديث عن مناقشة آلية تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي وفق ما يطالب بذلك المبعوث الخاص باليمن تتطلب أولاً التزام الانقلابيين بالإفراج عن وزير الدفاع ورفاقه العسكريين وكافة المعتقلين السياسيين والمدنيين والذين تجاوز عددهم الستة آلاف معتقل وفتح المنافذ المؤدية إلى مدينة تعز ووقف الحصار الجائر على السكان المدنيين.
كما يتطلب الأمر التزام صارم بقرار وقف العمليات القتالية وتفعيل دور لجنة التهدئة العسكرية التي شكلت من الطرفين خلال الجولة الثانية من محادثات السلام التي عقدت في سويسرا وتشكيل لجان مراقبة على الأرض وإشراف دولي فاعل على تنفيذ القرار وكشف اي خرق قد يقدم عليه الانقلابيون.
الرؤية الحكومية
تقوم الرؤية الحكومية لتنفيذ القرار الدولي 2216 على أساس الشرعية الدولية التي احتواها نص القرار الدولي، والذي أكد على الانسحاب من المدن وعدم منازعة الحكومة الشرعية لسلطاتها ومنعا لتكرار السيناريو الذي انتهجه الانقلابيون عند التوقيع على اتفاق الشراكة والسلم الذي ألزمهم بالانسحاب فورا من المدن والذهاب نحو تشكيل حكومة وحدة وطنية، لكنهم تمسكوا بتشكيل الحكومة ورفضوا الانسحاب من العاصمة ومحافظة عمران قبل أن يستكملوا انقلابهم في 21 من سبتمبر من عام 2014.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها