يراهن الحوثيون والانقلابيون على المفاجآت؛ دون أن يدركوا أن لها قواعد لا يمكن أن تكون خبط عشواء.. ذهب اليمن طول حكم علي عبدالله صالح وانزلق إلى أتون الجهل، ولعل ذلك كان جزءاً أساسياً من الرهان الذي كان يعول عليه المخلوع من أجل استدامة حكمه، دون أن يدرك أن خصومة الجاهل أسوأ من خصومة العارف أو العالم، ولو أدرك أنه سوف يحصن موقعه بقدر ما ينجز لبلاده لما ثارت عليه جماهير اليمن حتى خلعته.
امتطى صالح رغبة الحوثيين العارمة في السلطة، لكن لذلك أصولاً يجب اتباعها، فالسلطة وثيقة الصلة بوجود مشروع دولة، وإدارة الميليشيات والزعامات الضيقة أنموذج يختلف جذرياً وكلياً عن إدارة الدولة والحكم القائم في أساسه على الوفاق والتوافق لا الغصب أو الإكراه، وهو ما قام به الحوثيون والانقلابيون عندما اغتصبوا السلطة من الرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي بفضل الزبائنية المستشرية بعد سنوات صالح الفاسدة والتي أفسحت الطريق بالقوة لميليشيا الحوثي للسطيرة على قطاعات واسعة من الأرض بوصفها واجهة لقوى إقليمية توافقت أجنداتها الخائبة مع جنون صالح بالسلطة وعدم استيعابه خلعه من كرسي الرئاسة.
يصر الحوثيون والانقلابيون اليوم على تدمير اليمن فوق رؤوس ساكنيها دون أن يرف لهم جفن، وكأنهم يعاقبونهم على ما طالبوا به، وربما لم يمهل مسار الأزمة اليمنية صالح وزبانيته تقليد ما قامت به ديكتاتوريات ليبيا وسورية، إلا أن الحاصل اليوم يجعلنا أمام تلك الحقيقة بأن علي عبدالله صالح لا يختلف عن هؤلاء المجرمين بأي شيء، فهو يطبق حصاراً على تعز، ويمنع وصول المساعدات ويقصف المناطق اليمنية المأهولة بالمدنيين بالقذائف بشكل عشوائي، ويمعن في أذية المحاصرين بالسطو على ما يصلهم من مساعدات ومعونات، ويهدد الأمن في المنطقة ويخل بالتوازنات الإقليمية، وهذا أدى إلى حركة نزوح ولجوء، كل ذلك يجري في ظل تراخٍ دولي لتطبيق القرار 2216 الذي حظي بموافقة مجلس الأمن الذي بات في موقف يستوجب معه الوفاء بما يقتضيه الأمر من إرغام الحوثيين والانقلابيين تنفيذ القرار وعدم إضاعة الوقت بحثاً عن مفاجآت.