التقرير الصادر مؤخرا عن لجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة بخصوص الوضع الحقوقي في اليمن بقدر ما كشف عن اختراق حوثي إيراني للأمم المتحدة ولجانها بقدر ما كشف عن قادم أسوأ ستسعى فيه الأمم المتحدة كما يتوقع مراقبون لفرض تسوية سياسية تكون فيه السلطة والقوة في شمال اليمن لمن أسمتهم في التقرير " سلطة الأمر الواقع " لتفضي هذه التسوية في حال إقرارها إلى سلام هش وتؤسس لجولات قادمة من الصراعات والحروب وتبقي مليشيا الحوثي دولة داخل الدولة لتتكرر تجربة حزب الله في اليمن وبرعاية أممية .
بقدر ما كشف التقرير عن انتهاكات حقوقية خطيرة مارستها جميع الأطراف وخصوصا الشرعية والتحالف سمى تقرير الأمم المتحدة زعيم جماعة الحوثي عبد الملك الحوثي ب " قائد الثورة " وسمى مليشاته المسلحة بالقوات المسلحة وسمى الجيش الوطني بالمليشيات وهذا انقلاب أممي كامل على الشرعية والتحالف واعتراف واضح وصريح بشرعية الحوثي بوصفه قائد ثورة الشعب وقائد القوات المسلحة اليمنية وهذا مؤشر خطير يحول الأمم المتحدة من وسيط دولي إلى جهة منحازة للطرف المجرم الانقلابي على حساب الشعب اليمني وشرعيته وداعميه في التحالف العربي الذي يؤكد أنه بعملياته العسكرية في اليمن ينفذ القرارات الدولية .
لقد تجاهل هذا التقرير كل جرائم مليشيات الحوثي وكوارثها ولم يشر إليها سوى إشارات عابرة وهذا يؤكد ان وراء الأكمة ما وراءها وأن التحالف والشرعية كما فشلا في تحقيق انتصار عسكري حقيقي او حتى إختراق كبير على الأرض مثل تحرير الحديدة أو صعدة أو تعز ما سيمثل انتصار عسكري يغير مجرى الأحداث ويفرض تسوية حقيقية وسلام شامل فشلت الشرعية والتحالف في إيجاد منظمات حقوقية تنقل حقيقة ما يجري على الأرض وترصد جرائم مليشيا الحوثي وتوثقها وتوصلها إلى مجلس حقوق الانسان والمنظمات الحقوقية والرأي العام العالمي.
الحديث عن هذا التقرير يقودنا بالضرورة للحديث عن حقيقة دور الأمم المتحدة في اليمن فمنذ وضع اليمن تحت الوصاية الدولية وإرسال الأمم المتحدة لمبعوثها الأول إلى اليمن جمال بنعمر والدور الأممي في اليمن دور منحاز للحوثيين على حساب الشرعية ومصالح أبناء اليمن وأمنهم واستقرارهم وكلنا نعلم بالدور الخطير الذي قام به جمال بنعمر للتمكين للحوثيين حتى أنه في كل إحاطاته التي قدمها لمجلس الأمن عن الوضع في اليمن صور الحوثيين على انهم قوة اجتماعية فتية صاعدة تريد السلام والاستقرار ولديها جناح عسكري فرضته الضرورة وتسخره لمحاربة الإرهاب الذي تمثله القاعدة والجماعات المتطرفة كما أنها تعرضت لحروب ظالمة شنتها الدولة اليمنية ضدها كما تتعرض للإقصاء والاستهداف العسكري من مجموعات مسلحة ونتيجة لهذه الاحاطات التي قرمها بنعمر حينها اصدرت الأمم المتحدة تقريرا صورت فيه ما يحدث في عمران من اقتحام مسلح من قبل الحوثيين أثناء زحفهم باتجاه صنعاء في 2014م وتصدي قوات الجيش الوطني اليمني ممثلة بقوات اللواء 310 لهم بأنه " صراع مسلح بين مجموعات مسلحة " كما ان جمال بمعمر وضع بالتنسيق مع قيادات الحوثيين خطة اقتحام صنعاء وصاغ معهم في صعدة اتفاقية السلم والشراكة التي تم فرضها بقوة السلاح الحوثي والتي تعطي الحوثيين مكاسب وامتيازات لم يكونوا يحلمون بها وهي المعطيات التي جعلت النخبة اليمنية حينها تنظر لمبعوث الأمم المتحدة الأسبق إلى اليمن جمال بنعمر ت كسمسار دولي يعمل بشكل مكشوف لصالح الحوثيين وشنت ضده حملة إعلامية انتهت بإقالته بضغط إقليمي كما مارس حينها السفير الامريكي والسفيرة البريطانية جهودا كبيرة لتحييد الجيش الوطني ومنع اي مواجهة تعرقل تقدم الحوثيين وإضافة إلي سعي بنعمر لإقناع الأطراف الدولية والإقليمية بضرورة التمكين للحوثيين وأن التمكين لهم ودخولهم صنعاء سيكون لمصلحة اليمن التي ستتخلص من القوى التقليدية التي عطلت تقدمه وتعرقل صياغة عقد اجتماعي جديد لليمن وفق مخرجات الحوار وأكد للجميع ان الحوثيين سيدخلون لإنهاء ما اسماها ازدواجية الجيش ممثلة بالفرقة الأولى مدرع وسينهون جامعة الإيمان التي سببت صداعا للأمريكان والتي تخرج " المتطرفين " بحسب قوله وستعود ادراجها إلى صعدة وهي المغالطات التي اثبت الواقع زيفها اذ خرج الحوثيون عن النص وواصلوا حملتهم العسكرية لاخضاع بقية اليمن لسيطرتهم .
ومن وجهة نظري فبعد ان نجحت مساعي مبعوث الأمم المتحدة حينها جمال بنعمر في التمكين للحوثيين وقيام النخبة اليمنية بشن حملة إعلامية ضده انتهت باقالته والغريب ان تلك الحملة تناولت دور بنعمر وجهوده بمعزل عن تقييم حقيقي للدور الأممي في اليمن وكأن بنعمر قام بما قام به من جهود للتمكين للحوثيين باجتهاد شخصي منه وخالف توجهات الأمم المتحدة ومشروعها في اليمن .!!!
للأسف تقوم الأمم المتحدة منذ سنوات بدور خطير ومشبوه في اليمن فكلما قام الجيش الوطني وقوات التحالف بالتصعيد العسكري الذي سيخنق الحوثيين كلما تحركت الأمم المتحدة وتحركت على كافة الأصعدة والمجالات ومارست كل ضغوطها وعطلت هذا التحرك وهذا أولا..
وثانيا قدمت الأمم المتحدة عبر منظماتها المختلفة الكثير من الدعم العيني والمادي للحوثيين وحملت طائراتها التي هبطت في مطار صنعاء ملايين الدولارات التي تم تقديمها للحوثيين باسم دعم أنشطة صحية وتعليمية وغذائية وكل هذه الملايين من الدولارات ذهبت للمجهود الحربي ولقيادات الحوثيين حتى المواد الغذائية والعلاجات وما اسموها بالمساعدات الطبية باعها الحوثيون في السوق السوداء وهي حقيقة وثقتها الصحافة اليمنية.
ولعل ابسط مثال على الدور الذي تقوم به الأمم المتحدة في اليمن لصالح الحوثيين وتمكينهم ما قامت به الأمم المتحدة من دعم مادي للحوثيين ذهب لصناعة الألغام في اليمن وهي قصة غريبة ولكنها حدثت في اليمن بالفعل حيث قامت الأمم المتحدة بدعم اللجنة الوطنية لنزع الالغام في صنعاء بمبلغ 50 مليون دولار فقام الحوثيين بصرف هذا المبلغ على صناعة الألغام في اليمن وزرعوا أكثر من نصف مليون لغم في المناطق التي تشهد مواجهات مسلحة ومناطق أخرى وقد حصدت هذه الالغام حتى الآن أرواح الآلاف من المدنيين بين قتيل وجريح وما تزال تشكل معضلة حقيقة ومصائد مفتوحة تبتلع المدنيين بشكل شبه يومي وهذا الدعم الأممي الخطير للحوثيين تم للأسف رغم علم الأمم المتحدة بأن هذه اللجنة تخصع لمليشيا الحوثي المتمردة ورغم مخاطبة الحكومة الشرعية وارسالها رسائل عدة تحذر فيها من تسليم تذا المبلغ لهذه اللجنة التي في صنعاء لأن القائمون عليها من المليشيات الحوثية وسوف يستخدمون هذا المبلغ لدعم تصنيع وزراعة الألغام وليس لنزعها وتفكيكها ولكن الأمم المتحدة اصرت وسلمت المبلغ للحوثيين. !!!
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها