هنا وقعت سماءٌ ما على حجرٍ لتُتبزغَ في الربيع شقائق النعمان" درويش"
تحل علينا الذكرى الثانية لتحرير العاصمة عدن من مليشيا صالح والحوثي في السابع والعشرين من شهر رمضان لتتزاحم معها أحاديث الذكريات عن البطولات و التضحيات الجسام التي سطرها أبناء مدينتي مسجلة بذلك أول الاحرف من سفر الكفاح المجيد لاتزال صفحاته تكتب بماء الذهب حتى الآن.
علمتنا الحرب ان لا نصر الا بتكاتف الجميع و الابتعاد عن لغة التخوين و الإقصاء وترويج التهم، فوجدنا السلفي بجانب الحراكي والإصلاحي و الإنسان العادي غير المنتمي يجمعهم حب المدينة و الاستعداد للتضحية في سبيل الدفاع عنها.
علمتنا الحرب أن لا نصر ألا بتماسك الجبهة الداخلية و أهمية الحاضنة الشعبية في توفير خطوط الامداد لصمود المقاومين في الجبهات.
علمتنا الحرب أن نخرج أفضل ما نملكه من مخزون قيمي و أخلاقي ورأينا مشاهد التراحم والتكافل و التكاتف في أبهى صوره، و ذهلنا من مواقف الصمود والعزة على حين فاقة وقلة يد لكننا لم ننكسر مقابل الحصول على شربة ماء او كسرة خبز، لسبب بسيط وهو اننا غلبنا المبدأ على حساب المصلحة.
وجدنا أنفسنا أناساً أجمل، أرقى، أنبل، وغابت أخلاق السوء والأنانية و الانتهازية حتى تمنينا ان تستمر الحرب!
و تبقى تلك المواقف و المشاهد الجميلة. كانت الحرب و مارافقها من تعاليم تنبئنا عن النموذج الذي يجب أن يكون عليه أبناء مدينتي إذا ما أرادوا أن يحافظوا على مكتسبات النصر و يستظلوا بأوفياء التحرير جديرين ومستحقين.
إنها أشبه بتعويذة النصر والشهادة، فلن أتحدث عن مواقف الشجاعة و لا عن حجم التضحيات و لا كمية الألم الذي تحمله أبناء مدينتي، لكن يكفي أن تعلموا أن شهداءنا أجمل شيء عاش بيننا و مقاومتنا أنبل فعل يمكن الحديث عنه.
كانت الحرب قرابة المائة يوم ويزيد في ليالي سهاد يستطيل و لا ينطوي، وكان يوم النصر بهيجا من ساعته معلنا ساعة الخلاص والانعتاق الكبير و مستبشرا بميلاد جديد، وكبرت منائر مدينتي فرحا بنصر الله و شكرا لحراس المدينة، وذرفت المقل دموع الفرح و الحزن معا.
لقد تفرق شمل الغزاة و ضربوا في مقتل وتلقوا اقوى ضربة من حيث لم يحتسبوا، ومرغت أنوفهم في التراب وكسرت غطرستهم على صخرة العز و الإباء، واستجاب الله دعاء الأرامل و الثكالى و أضحى أبطالنا قدرا يطبق مفردات العدالة على البغاة و القادمين من الكهوف.
لقد راهن الغزاة على جميع وسائل التركيع و بث الفرقة من أول يوم، لكنها اصطدمت بالشموخ و التأبي عن القبول بأنصاف الحلول وتمييع القضايا، والتي مهدت لاستجلاب الانتصار العظيم.
#عدن_ذكرى_النصر2
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها